فإنْ قيلَ: الشَّركةُ عَقدٌ فكيف يَصحُّ مع الجَهلِ بقَدْرِ المالِ المَعقودِ عليه.
قيلَ: إنَّما يَلزمُ العِلمُ بقَدْرِ نَصيبِ كلِّ واحِدٍ مِنَ الشَّريكَيْن مِنْ جُملةِ المالِ مِنْ نِصفٍ أو ثُلثٍ أو رُبعٍ، ولا يَلزمُ مَعرفةُ وَزنِه، ألَا تَرى لو أنَّ رَجلَيْن اشتَركا ووضَع أحَدُهما دَراهمَ في كِفَّةِ مِيزانٍ، ووضَع الآخَرُ بإزائِها واشتَركا بها واتَّجَرا مِنْ غَيرِ أنْ يَعلَما وَزنَها صَحَّت الشَّركةُ لِلعِلمِ بحِصةِ كلِّ واحِدٍ منهما مِنَ الجُملةِ؛ كذلك الوارِثُ في التَّركةِ (١).
وقال الحَنابِلةُ: تَبطُلُ الشَّركةُ بمَوتِ أحَدِ الشَّريكَيْن، وإذا مات أحَدُ الشَّريكَيْن وله وارِثٌ رَشيدٌ فله أنْ يُقيمَ على الشَّركةِ ويأذنَ له الشَّريكُ في التَّصرُّفِ ويأذنَ هو أيضًا لِشَريكِه فيه، وبَقاؤُه على الشَّركةِ إتمامُ الشَّركةِ، وليس بابتِدائها؛ فلا تُعتبَرُ شُروطُها، أي: شُروطُ الشَّركةِ مِنْ حُضورِ المالِ وكَونِه نَقدًا مَضروبًا، وبَيانِ الرِّبحِ، ونَحو ذلك مما تَقدَّم، قال البُهوتيُّ: هذا مُقتَضى كَلامِه في المُغني والمُبدِعِ.
وقال في «المُستوعِبِ»: إنْ ماتَ يَخرجُ مِنَ الشَّركةِ ويَتسلَّمُ حَقَّه وَرثتُه، انتَهى، فصَريحُه بُطلانُ الشَّركةِ بمَوتِ أحَدِهما، وهو صَريحُ كَلامِه قَريبًا،
(١) «الحاوي الكبير» (٦/ ٤٨٤، ٤٨٥)، و «نهاية المطلب» (٧/ ٢٦)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٤٨١)، و «البيان» (٦/ ٣٨٨)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١٨٨، ١٨٩)، و «نهاية المحتاج مع حاشية الشبرملسي» (٥/ ١٢)، و «النجم الوهاج» (٥/ ١٦).