للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاءَ في «المُدوَّنةِ الكُبرى» لِلمالكيةِ: القَضاءُ في أحدِ الشَّريكَيْن يَموتُ:

قُلتُ: أرأيتَ إذا ماتَ أحَدُ الشَّريكَيْن؟ قال: إذا ماتَ أحَدُهما لَم يَكُنْ لِلباقي منهما أنْ يُحدِثَ في المالِ المُتبَقِّي، ولا في السِّلعِ، قَليلًا ولا كَثيرًا، إلا برِضا الوَرثةِ؛ لأنَّ الشَّركةَ حين ماتَ أحَدُهما انقَطعَت فيما بينَهما وصارَ نَصيبُ المَيِّتِ لِلوَرثةِ، وهذا رأيي (١).

وقال الشافِعيَّةُ: إذا مات أحَدُ الشَّريكَيْن انفسَخَت الشَّركةُ بمَعنى بطَل الإذنُ بالتَّصرُّفِ، لأنَّ العُقودَ الجائِزةَ تَبطُلُ بالمَوتِ، كالوَكالةِ، وإذا كان كذلك فلا يَخلو أنْ يَكونَ على المُتوَفَّى دُيونٌ ووَصايا، أو لا يَكونَ عليه دُيونٌ ولا وَصايا؛ فإذا لَم يَكُنْ عليه دُيونٌ ولا وَصايا فلا يَخلو حالُ الوارِثِ مِنْ أنْ يَكونَ جائِزَ الأمرِ أو غَيرَ جائِزٍ؛ فإنْ كان جائِزَ الأمرِ بالبُلوغِ والرُّشدِ فهو بالخيارِ في مالِ الشَّركةِ بينَ ثَلاثةِ أشياءَ:

إمَّا أنْ يُقاسِمَ عليها فتَمتازَ حِصَّتُه فيَتصرَّفَ فيها، وإمَّا أنْ يَتركَ المالَ مُشترَكًا على حالِه مِنْ غَيرِ أنْ يأذَنَ لِلشَّريكِ بالتَّصرُّفِ فيه، وإمَّا أنْ يُقيمَ على الشَّركةِ، ويأذنَ لِلشَّريكِ بالتَّصرُّفِ فيه فيَصيرَ شَريكًا، كما كان شَريكًا لِمُورِّثِه، فأيُّ هذه الثلاثةِ فعَل كان له ذلك، سَواءٌ كان فيه الحَظُّ أو في غَيرِه، لأنَّ مَنْ جازَ أمرُه نفَذت عُقودُه، وإنْ لَم يَكُنْ فيها حَظٌّ له، ويَختارُ لِهذا الوارِثِ إذا أحَبَّ المُقامَ على الشَّركةِ أنْ يَعلمَ قَدْرَ المالِ الذي وَرِثه عن مَيِّتِه قبلَ الإذنِ في التَّصرُّفِ فيه خَوفًا مِنْ ظُهورِ دَينٍ يَتعلَّقُ بالشَّركةِ، فيَعلمَ قَدرَه


(١) «المدونة الكبرى» (١٢/ ٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>