للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي لي عندَك»، فإنَّه لا يَصحُّ؛ لأنَّ الدَّينَ مالٌ غائِبٌ؛ لأنَّه لا يُمكِنُ التَّصرُّفُ فيه في الحالِ، وهو مَقصودُ الشَّركةِ.

لكنْ إذا أحضَراه وتَفرَّقا، ووُجِد منهما ما يَدلُّ على الشَّركةِ فيه، انعَقدتْ حينَئذٍ (١).

وقال الحَنفيَّةُ: يُشترطُ أنْ يَكونَ رأسُ مالِ الشَّركةِ عَينًا حاضِرًا، لا دَينًا، أي: ألَّا يَكونَ المَطلوبُ مِنْ ذِمَمِ الناسِ رأسَ مالٍ لِلشَّركةِ، مَثلًا ليس لاثنَيْنِ أنْ يَتَّخِذا دَينَهما الذي في ذِمَّةِ آخَرَ رأسَ مالِ لِلشَّركةِ فيَعقِدا عليه الشَّركةَ، وإذا كان رأسُ مالِ أحَدِهما عَينًا والآخَرُ دَينًا لا تَصحُّ الشَّركةُ أيضًا، وألَّا يَكونَ مالًا غائبًا؛ فإنْ كانت لا تَجوزُ -عِنانًا كانت أو مُفاوضةً-، لأنَّ المَقصودَ مِنَ الشَّركةِ الرِّبحُ، وذلك بواسِطةِ التَّصرُّفِ، ولا يُمكِنُ في الدَّينِ ولا المالِ الغائِبِ، فلا يَحصُلُ المَقصودُ.

وإنَّما يُشترطُ الحُضورُ عندَ الشِّراءِ، لا عندَ العَقدِ، لأنَّ عَقدَ الشَّركةِ يَتمُّ بالشِّراءِ، فيُعتبَرُ الحُضورُ عندَه، حتى لو دفَع إلى رَجلٍ ألفَ دِرهَمٍ، فقال له: اخرُجْ مِثلَها واشتَرِ بهما وبِعْ، فما رَبِحتَ يَكونُ بينَنا، فأقامَ المأمورُ البَيِّنةَ أنَّه فعَل ذلك جازَ.

وإنْ لَم يَكُنِ المالُ حاضِرًا مِنَ الجانبَيْن عندَ العَقدِ لا يَكُنْ حاضرًا عندَ الشِّراءِ (٢).


(١) «المغني» (٥/ ١٢)، و «الإنصاف» (٥/ ٤٠٨)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٨٢)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٤٧)، و «الروض المربع» (٢/ ٧٠)، و «منار السبيل» (٢/ ١٨١).
(٢) «بدائع الصانع» (٦/ ٥٩)، و «درر الحكام» (٣/ ٣٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>