للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحَنفيَّةُ: لا تَنعقِدُ الشَّركةُ إلا بالدَّراهِمِ والدَّنانيرِ، والفُلوسِ النافِقةِ.

ولا يَجوزُ بما سِوى ذلك إلا أنْ يَتعاملَ الناسُ بالتِّبرِ والنَّقرةِ، فتَصحُّ الشَّركةُ بهما؛ لأنَّ التِّبرَ والنَّقرةَ تُشبهُ العُروضَ مِنْ وَجهٍ؛ لأنَّها ليست ثَمنًا لِلأشياءِ، وتُشبهُ الدَّراهِمَ والدَّنانيرَ مِنْ وَجهٍ؛ لأنَّ العَقدَ عليها صَرفٌ، فأُعطِيتِ الشَّبهَ مِنْ كلِّ واحِدٍ منهما، فاعتُبرتْ فيها عادةُ الناسِ في التَّعامُلِ؛ فإذا تَعامَلوا بها أُلحِقت بالدَّراهِمِ، وإنْ لَم يَتعامَلوا بها أُلحِقت بغَيرِ الدَّراهمِ (١).

وقال الحَنابِلةُ: يُشترطُ أنْ يَكونَ رأسُ المالِ مِنَ النَّقدَيْن المَضروبَيْن؛ لأنَّهما ثمَنُ المَبيعاتِ وقِيَمُ الأموالِ، والناسُ يَشترِكون بهما مِنْ زَمنِ النَّبيِّ إلى زَمنِنا مِنْ غَيرِ نَكيرٍ، فلا تَصحُّ شَركةُ العِنانِ ولا المُضاربةِ بعَرضٍ، ولو كان العَرضُ مِثليًّا، كبُرٍّ وحَريرٍ، لأنَّ قيمَتَه رُبَّما زادت قبلَ بَيعِه، فيُشاركُه الآخَرُ في نَماءِ العَينِ التي هي مِلكُه (٢).

وقال الشافِعيَّةُ في المَذهبِ: تَصحُّ في كلِّ مِثليٍّ، أمَّا في النَّقدَيْن فبالإجماعِ؛ لأنَّهما قِيَمُ المُتلَفاتِ، وثمَنُ الأشياءِ في الأغلَبِ، وبهما تُعرفُ قِيَمُ الأموالِ، وما يَزيدُ فيها مِنَ الأرباحِ، وأمَّا غَيرُ النَّقدَيْن؛ كالقَمحِ والشَّعيرِ والحَديدِ ونَحوِهما؛ فيَجوزُ على الصَّحيحِ مِنَ المَذهبِ؛ لأنَّهما مالانِ، إذا


(١) «بدائع الصانع» (٦/ ٥٩)، «المبسوط» (١١/ ١٩٦، ١٩٧)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٢٦، ٤٢٧)، و «اللباب» (١/ ٥٢٧، ٥٢٨).
(٢) «كشاف القناع» (٣/ ٥٨٢)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٤٧)، و «الروض المربع» (٢/ ٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>