للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابنُ قُدامةَ : بعدَما استدلَّ بهذَيْن الحَديثَيْن: ولأنَّها وَثيقةٌ فلا تَنقُلُ الحَقَّ كالشَّهادةِ، وأمَّا صَلاةُ النَّبيِّ عن المَضمونِ عنه، فلأنَّه بالضَّمانِ صارَ له وَفاءٌ، وإنَّما كان النَّبيُّ يَمتنِعُ مِنَ الصَّلاةِ على مَدِينٍ لَم يُخلِّفْ وَفاءً.

وأمَّا قَولُه لِعليٍّ: «فكَّ اللهُ رِهانَك كما فَكَكتَ رِهانَ أخيكَ»؛ فإنَّه كان بحالٍ لا يُصلِّي عليه النَّبيُّ ، فلَمَّا ضمِنه فَكَّه مِنْ ذلك أو مما في مَعناه.

وقَولُه: «بَرئَ الميِّتُ منهما»، أي صِرتَ أنتَ المُطالَبُ بهما، وهذا على سَبيلِ التأكيدِ، لِثُبوتِ الحَقِّ في ذِمَّتِه، ووُجوبِ الأداءِ عليه، بدَليلِ قَولِه في سياقِ الحَديثِ حينَ أخبَرَه بالقَضاءِ: «الآنَ بَرَدتْ عليه جِلدَتُه»، ويُفارِقُ الضَّمانُ الحَوالةَ؛ فإنَّ الضَّمانَ مُشتقٌّ مِنَ الضَّمِّ فيَقتَضي الضَّمَّ بينَ الذِّمَّتَيْن مِنْ تَعلُّقِ الحَقِّ بهما، وثُبوتِه فيهما، والحَوالةُ مِنَ التَّحوُّلِ، فتَقتَضي تَحوُّلَ الحَقِّ من مَحِلِّه إلى ذِمَّةِ المُحالِ عليه (١).

أمَّا قَولُه : «نَفْسُ المُؤمِنِ مُعلَّقةٌ بدَينِه حتى يُقضَى عنه»؛


(١) «المغني» (٦/ ٣٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>