يَعتقِدُ أنَّه استَوفى بَعضَ حَقِّه وأخَذَ عَينَ مالِه مُستَرجِعًا لها ممَّن هي عندَه، فلَم يَكُنْ بَيعًا كاستِرجاعِ العَينِ المَغصوبةِ.
فأمَّا إنْ كان أحَدُهما كاذِبًا، مِثلَ أنْ يَدَّعيَ المُدَّعي شَيئًا يَعلَمُ أنَّه ليس له، ويُنكِرَ المُنكِرُ حَقًّا يَعلَمُ أنَّه عليه، فالصُّلحُ باطِلٌ في الباطِنِ؛ لأنَّ المُدَّعيَ إذا كان كاذِبًا فما يأخُذُه أكلُ مالٍ بالباطِلِ أخَذَه بشَرِّه وظُلمِه ودَعواه الباطِلةِ، لا عِوَضًا عن حَقٍّ له، فيَكونُ حَرامًا عليه، كمَن خَوَّفَ رَجُلًا بالقَتلِ حتى أخَذَ مالَه.
وإنْ كان صادِقًا، والمُدَّعَى عليه يَعلَمُ صِدقَه وثُبوتَ حَقِّه فجحَده لِيَنتَقِصَ حَقَّه أو يُرضيَه عنه بشَيءٍ فهو هَضمٌ لِلحَقِّ وأكلُ مالٍ بالباطِلِ فيَكونُ ذلك حَرامًا، والصُّلحُ باطِلٌ ولا يَحِلُّ له مالُ المُدَّعِي بذلك.
وأمَّا الظاهِرُ لنا فهو الصِّحَّةُ؛ لأنَّنا لا نَعلَمُ باطِنَ الحالِ؛ وإنَّما يَنبَني الأمرُ على الظَّواهِرِ، والظاهِرُ مِنَ المُسلِمِ السَّلامةُ (١).
(١) يُنظر: «المبسوط» (١٦/ ٦١، ٦٢)، و «بدائع الصنائع» (٦/ ٤٠)، و «مختصر اختلاف العُلماء» (٤/ ١٩٥)، و «الاختيار» (٣/ ٥)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٣٥، ٣٦)، و «مختصر الوقاية» (٣٠٩)، و «تبيين الحقائق» (٥/ ٣٠، ٣١)، و «الإشراف» (٣/ ٤٥) رقم (٩٠٧)، و «تحبير المختصر» (٤/ ١٨٢)، و «فصول الأحكام» (٢٨٤)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٢٢١)، و «الذخيرة» (٥/ ٣٥١)، و «الفروق» (٤/ ٧، ٨)، و «الشرح الكبير» (٤/ ٥٠٧، ٥٠٩)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٤، ٥)، و «بلغة السالك» (٣/ ٢٦٠، ٢٦١)، و «المغني» (٤/ ٣٠٨، ٣١٠)، و «الكافي» (٢/ ٢٠٢)، و «إعلام الموقعين» (٣/ ٣٥٨، ٣٦٠)، و «شرح الزركشي» (٢/ ١٣٥)، و «الفروع» (٤/ ٢٠١)، و «المبدع» (٤/ ٢٧٩) «الإنصاف» (٥/ ٢٤٣)، و «كشاف القناع» (٣/ ٤٦٣، ٤٦٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٤١٦، ٤١٧)، و «الروض المربع» (٢/ ٤٢، ٤٣)، و «منار السبيل» (٢/ ١٢٦، ١٢٧)، و «جواهر العقود» (١/ ١٤٠)، و «الإفصاح» (١/ ٤٣٠، ٤٣١)، و «مراتب الإجماع» (٦٩).