للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَم يَجُزْ على مَجهولِ الوَصفِ أوْلى ألَّا يَجوزَ على مَجهولِ العَينِ، ولأنَّ المَبذولَ بالصُّلحِ لا يَخلو مِنْ أربَعِ حالاتٍ:

الأُولى: أنْ يَكونَ مَبذولًا لِكَفِّ الأذَى.

الثانية: أنْ يَكونَ مَبذولًا لِقَطعِ الدَّعوَى.

الثالِثةُ: أنْ يَكونَ مَبذولًا لِلإعفاءِ مِنَ اليَمينِ.

الرابِعةُ: أنْ يَكونَ مَبذولًا لِلمُعاوَضةِ، فلَم يَجُزْ أنْ يَكونَ مَبذولًا لِدَفعِ الأذَى؛ لأنَّه مِنْ أكلِ المالِ بالباطِلِ.

ولَم يَجُزْ أنْ يَكونَ لِقَطعِ الدَّعوَى؛ لِما فيه مِنَ اعتِبارِ ما يَمنَعُ مِنَ الرِّبا، وهو: إذا كان الحَقُّ ألْفًا لَم يَجُزْ أنْ يُصالِحَه على أكثَرَ منها.

ولو كان دَراهِمَ صُولِحَ عليها بدَنانيرَ لَم يَجُزْ أنْ يُفارِقَه قبلَ قَبضِها، ولو كان لِقَطعِ الدَّعوَى لَجازَ الافتِراقُ، ولَم يَجُزْ أنْ يَكونَ لِلإعفاءِ مِنَ اليَمينِ؛ لِما ذَكَرنا مِنَ الأمرَيْنِ، فثَبَت أنَّه مَبذولٌ لِلمُعاوَضةِ، والمُعاوَضةُ تَصحُّ مع الإقرارِ، وتَبطُلُ مع الإنكارِ؛ لأنَّ ما لَم يَجِبْ مِنَ الحُقوقِ لَم تَجُزِ المُعاوَضةُ عليه.

وكذا يَبطُلُ الصُّلحُ إنْ جَرى على بَعضِه في الأصَحِّ، كما لو كان على غيرِ المُدَّعَى، ولأنَّ الاعتِبارَ يَكونُ بقَولِ الدافِعِ، وهو يَزعُمُ أنَّه إنَّما بَذَلَه لِكَفِّ الأذى، وأخْذُ المالِ لِكَفِّ الأذَى لا يَجوزُ.

والرَّأيُ الآخَرُ: يَصحُّ؛ لاتِّفاقِهما على أنَّ بَعضًا مُستحَقٌّ لِلمُدَّعِي، ولكنَّهما مُختَلِفانِ في جِهةِ الاستِحقاقِ، واختِلافُهما في الجِهةِ لا يَمنَعُ الأخْذَ

<<  <  ج: ص:  >  >>