للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الرَّجُلِ إلى أجَلٍ، فيَضَعُ عنه صاحِبُ الحَقِّ ويُعَجِّلُهُ الآخَرُ، فكرِه ذلك عَبدُ اللهِ بنُ عُمرَ ونَهَى عنه.

وحَدَّثَني مالِكٌ عن زَيدِ بنِ أسلَمَ أنَّه قال: كان الرِّبا في الجَاهِلِيَّةِ أنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ على الرَّجُلِ الحَقُّ إلى أجَلٍ، فإذا حَلَّ الأجَلُ قال: أَتَقضِي أمْ تُرْبي؟ فإِنْ قَضَى أخَذَ، وإِلَّا زادَهُ في حَقِّهِ وأَخَّرَ عنه في الأجَلِ.

قال الإمامُ مالِكٌ : والأمْرُ المَكروهُ الذي لا اختِلافَ فيه عِندَنا أنْ يَكونَ لِلرَّجُلِ على الرَّجُلِ الدَّينُ إلى أجَلٍ، فيَضَعَ عنه الطالِبُ ويُعجِّلَه المَطلوبَ.

قال مالِكٌ : وذلك عِندَنا بمَنزِلةِ الذي يُؤخِّرُ دَينَه بعدَ مَحِلِّه عن غَريمِه، ويَزيدُه الغَريمُ في حَقِّه، قال: فهذا الرِّبا بعَينِه، لا شَكَّ فيه (١).

قال أبو عُمرَ بنُ عَبدِ البَرِّ : قد بينَ مالِكٌ أنَّ مَنْ وَضَعَ مِنْ حَقٍّ له لَم يَحِلَّ أجَلُه يَستَعجِلُه فهو بمَنزِلةِ مَنْ أخَذَ حَقَّه بعدَ حُلولِ أجَلِه؛ لِزيادةٍ يَزدادُها مِنْ غَريمِه؛ لِتأخيرِه ذلك؛ لأنَّ المَعنى الجامِعَ لهما هو أنْ يَكونَ بإزاءِ الأمَدِ الساقِطِ والزائِدِ بَدَلًا وعِوَضًا يَزدادُه الذي يَزيدُ في الأجَلِ ويَسقُطُ عن الذي يُعجِّلُ الدَّينَ قبلَ مَحِلِّه، فهذانِ -وإنْ كان أحَدُهما عَكسَ الآخَرِ- هما مُجتَمِعانِ في المَعنى الذي وَصَفْنا (٢).

قال مُحمدُ بنُ الحَسنِ في «المُوطَّأِ» بعدَ ذِكرِ أثَرِ زَيدِ بنِ ثابِتٍ: مَنْ وَجَب


(١) «الموطأ» (٢/ ٦٧٣)
(٢) «الاستذكار» (٦/ ٤٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>