على حَقِّ الغُرَماءِ؛ ولأنَّه حَقٌّ ثابِتٌ لِغَيرِه، فلا يُبطِلُه الحَجْرُ، ولِهذا لو تَزوَّجَ امرأةً كانت في مِقدارِ مَهرِ مِثلِها أُسوةً لِلغُرَماءِ.
فإنْ لَم يُعرَفْ لِلمُفلِسِ مالٌ وطَلَب غُرَماؤُه حَبْسَه، وهو يَقولُ: لا مالَ لي، حَبَسَه الحاكِمُ في كلِّ دَينٍ التَزَمَه، بَدَلًا مِنْ مالٍ حَصَل في يَدِه كثَمَنِ المَبيعِ، وبَدَلِ القَرضِ، وفي كلِّ دَينٍ التَزَمه بعَقدٍ، كالكَفالةِ والمَهرِ المُعجَّلِ دونَ المُؤجَّلِ، فإنَّ القَولَ في المُؤجَّلِ قَولُه بالإجماعِ.
أمَّا إذا كان الدَّينُ بَدَلًا مِنْ مالٍ حَصَل في يَدِه لَم يُصدَّقْ على الإعسارِ؛ لأنَّا قد عَرَفنا غِناه به، فدَعواه الإعسارَ دَعوى زَوالِ ما في يَدِه، وهو مَعنًى حادِثٌ، فلا يَصدُقُ، وكذا إذا كان التَزَمَه بعَقدٍ، كالمَهرِ المُعجَّلِ، لا يُصدَّقُ في دَعوى الإعسارِ فيه؛ لأنَّه قد يُريدُ بدَعواه أنْ يَسقُطَ ما التَزَمه فلا يُقبَلُ.
وما سِوى ذلك فالقَولُ قَولُه في الإعسارِ؛ لأنَّ الأصلَ الفَقرُ.
ولم يَحبِسْه فيما سِوى ذلك، كعِوَضِ المَغصوبِ وأرشِ الجِناياتِ، إذا قال: أنا فَقيرٌ؛ لأنَّ الأصلَ الفَقرُ، فمَنِ ادَّعى الغِنى يَدَّعي مَعنًى حادِثًا، فلا يُقبَلُ إلا ببَيِّنةٍ، إلا أنْ يُقيمَ غَريمُه بَيِّنةً أنَّ له مالًا، فحينَئذٍ يَحبِسُه؛ لأنَّ البَيِّنةَ أوْلَى مِنْ دَعواه الفَقرَ.
ثم المَحبوسُ في الدَّينِ لا يَخرُجُ لِمَجيءِ شَهرِ رَمَضانَ ولا لِلعِيدَيْنِ ولا لِلجُمُعةِ ولا لِصَلاةٍ مَكتوبةٍ ولا لِحَجَّةِ فَريضةٍ ولا لِحُضورِ جِنازةِ بَعضِ أهلِه، ولو أعطى كَفيلًا بنَفْسِه، وعن مُحمدٍ: إذا ماتَ له والِدٌ أو وَلَدٌ لا يَخرُجُ إلا ألَّا يُوجَدَ مَنْ يُغسِّلُه ويُكفِّنُه، فيَخرُجُ حينَئذٍ، وأمَّا إذا كان هناك مَنْ