للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذا حَبسُه إنْ كان مُعسِرًا، وما القَدْرُ الذي يُترَكُ له لِيُنفِقَ منه على نَفْسِه ومَن يَمُونُه؟

وما الأشياءُ التي تُباعُ في الدَّينِ؟

وغَيرُها مِنَ المَسائِلِ، وأنا أذكُرُ هنا كلَّ مَذهبٍ على حِدَةٍ بالتَّفصيلِ.

قال الصاحِبانِ أبو يُوسُفَ ومُحمدٌ -والفَتوى على قَولِهما عندَ الحَنفيَّةِ-: إذا طلَب غُرماءُ المُفلِسِ الحَجْرَ عليه حَجَرَ القاضي عليه ومَنَعه مِنَ التَّصرُّفِ والبَيعِ والإقرارِ، حتى لا يَضُرَّ بالغُرَماءِ، يَعني: إذا كان بأقَلَّ مِنْ ثَمَنِ المِثلِ، أمَّا بثَمَنِ المِثلِ فلا يَمنَعُه.

وباعَ مالَه إنِ امتَنَع مِنْ بَيعِه، ويَبيعُ في الدَّينِ العُروضَ أوَّلًا، ثم العَقارَ، ويَترُكُ عليه دُسَتًا مِنْ ثِيابِ بَدَنِه ويُباعُ البَقيَّةُ.

وكذا إذا كان له مَسكَنٌ ويُمكِنُ أنْ يَجتَزِئَ بدون ذلك، فإنَّه يَبيعُ ذلك المَسكَنَ ويَصرِفُ بَعضَ ثَمَنِه إلى قَضاءِ الدَّينِ، ويَشتَري بالبَقيَّةِ مَسكَنًا يَبيتُ فيه، وقَسَّمَه بينَ غُرَمائِه بالحِصَصِ على قَدْرِ دُيونِهم.

فإنْ أقَرَّ في حالِ الحَجْرِ بإقرارٍ لَزِمَه ذلك بعدَ قَضاءِ الدَّينِ؛ لأنَّه قد تَعلَّقَ بهذا المالِ حَقُّ الأوَّلينَ، فلا يَتمَكَّنُ مِنْ إبطالِ حَقِّهم بالإقرارِ لِغَيرِهم، بخِلافِ الاستِهلاكِ؛ لأنَّه مُشاهَدٌ لا مَرَدَّ له، وإنِ استَفادَ مالًا بعدَ الحَجْرِ نَفَذَ إقرارُه فيه؛ لأنَّ حَقَّهم لَم يَتعلَّقْ به.

ويُنفَقُ على المُفلِسِ المَحجورِ عليه مِنْ مالِه، وعلى زَوجَتِه وأولادِه الصِّغارِ وذوي أرحامِه ممَّن يَجبُ نَفَقتُه عليه؛ لأنَّ حاجَتَه الأصليَّةَ مُقدَّمةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>