وأمَّا صِحَّتُّه فيما بَينَه وبَينَ اللهِ ﷾ فإنْ عَلِمَ صِحَّةَ ما أقَرَّ به -كدَينٍ لَزِمَه مِنْ جِنايةٍ، أو دَينٍ لَزِمَه قبلَ الحَجْرِ عليه- فعليه أداؤُه؛ لأنَّه عَلِمَ أنَّ عليه حَقًّا فلَزِمَه أداؤُه، كما لو لَم يَكُنْ يُقِرُّ به، وإنْ عَلِمَ فَسادَ إقرارِه، مِثلَ أنْ عُلِمَ أنَّه أقَرَّ بدَينٍ ولا دَينَ عليه، أو بجِنايةٍ لَم تُوجَدْ منه، أو أقَرَّ بما لا يَلزَمُه، مِثلَ إنْ أتلَفَ مالَ مَنْ دَفَعه إليه بقَرضٍ، أو بَيعٍ لَم يَلزَمْه أداؤُه؛ لأنَّه يَعلَمُ أنَّه لا دَينَ عليه، لَم يَلزَمْه شَيءٌ، كما لو لَم يُقِرَّ به.
وإذا أذِنَ وَليُّ السَّفيهِ له في البَيعِ والشِّراءِ فهل يَصحُّ منه؟ على وَجهَيْنِ:
أحَدُهما: يَصحُّ؛ لأنَّه عَقدُ مُعاوَضةٍ، فمِلكُه بالإذْنِ كالنِّكاحِ؛ ولأنَّه عاقِلٌ مَحجورٌ عليه، فصَحَّ تَصرُّفُه بالإذْنِ فيه، كالصَّبيِّ، يُحقِّقُ هذا أنَّ الحَجْرَ على الصَّبيِّ أعلى مِنَ الحَجْرِ عليه، ثم يَصحُّ تَصرُّفُه بالإذْنِ، فههنا أوْلَى، ولِأنَّا لو مَنَعْنا تَصرُّفَه بالإذْنِ لَم يَكُنْ لنا طَريقٌ إلى مَعرِفةِ رُشدِه واختِبارِه.
والآخَرُ: لا يَصحُّ؛ لأنَّ الحَجْرَ عليه لِتَبذيرِه وسُوءِ تَصرُّفِه، فإذا أذِنَ له فقد أذِنَ فيما لا مَصلَحةَ فيه، فلَم يَصحَّ، كما لو أذِنَ في بَيعِ ما يُساوي عَشَرةً بخَمسةٍ.