للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (٦) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ﴾ [الطارق: ٦ - ٧]، يَعني مِنْ أصلابِ الرِّجالِ وتَرائِبِ النِّساءِ، قيلَ في التَّفسيرِ: يَخرُجُ ماءُ الرَّجُلِ مِنْ صُلبِه، وماءُ المَرأةِ مِنْ صَدرِها، ولقَولِه : ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ﴾ [الإنسان: ٢] يَعني: أخلاطٍ، فإذا كان الوَلَدُ مَخلوقًا مِنْ ماءَيْهما دَلَّ الحَملُ على تَقدُّمِ إنزالِهما، فصارَ دَليلًا على تَقدُّمِ بُلوغِهما (١).

٤ - إنباتُ العانةِ وإنْ لَم يَكُنْ إنزالٌ:

اختَلَف الفُقهاءُ فيما إذا لَم يَحصُلِ البُلوغُ بواحِدةٍ مِنَ الثَّلاثةِ الماضيةِ (الإنزالِ أو الحَيضِ أو الحَملِ) إلا أنَّه نَبَت شَعرٌ خَشِنٌ لِلعانةِ لِلغُلامِ أو الجاريةِ، هل يَحصُلُ بذلك البُلوغُ ويُحكَمُ ببُلوغِه أم لا؟

فذهَب أبو يُوسُفَ في قَولٍ والمالِكيَّةُ في المَشهورِ والحَنابِلةُ والشافِعيَّةُ في قَولٍ -سيأتي تَفصيلُ مَذهبِهم فيه- إلى أنَّ الإنباتَ -وهو الشَّعرُ القَويُّ الذي يَحتاجُ في أخْذِه إلى المُوسى- لا الزَّغَبَ (٢) الأصفَرَ حَولَ الذَّكَرِ وحَولَ الفَرجِ عَلامةٌ على بُلوغِ الصَّبيِّ والجاريةِ، مُسلِمًا كان أو كافِرًا؛ لأنَّ سَعدَ بنَ مُعاذٍ لمَّا حَكَمَ في بَني قُرَيظةَ بقَتلِهم وسَبْيِ ذَراريِّهم أمَرَ أنْ يُكشَفَ عن مُؤتَزَرِهم، فمَن أنبَتَ فهو مِنَ المُقاتِلةِ، ومَن لَم يُنبِتْ فهو مِنَ الذُّريَّةِ.

ورَوَى عَطيَّةُ القُرَظيُّ قال: «كُنْتُ مِنْ سَبْيِ بَنِي قُرَيْظَةَ فَكَانُوا يَنْظُرُونَ


(١) يُنظر: المَصادِر السابقَة.
(٢) الزَّغَب-بفتحتين-: صِغارُ الشَّعرِ وليِّنُه ممَّا يَبدو لِلصَّبيِّ وللشَّيخِ حينَ يرقَّ شعرُه، والشُّعيراتُ الصُّفرُ على رِيشِ الفَرخِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>