المُرتَهَنِ عندَ الحَنفيَّةِ، وهي يَدُ ضَمانٍ؛ لأنَّه بَدَلٌ مِنَ الرَّهنِ، فكان هَلاكُه كهَلاكِ الرَّهنِ.
وعَلَّلَه المالِكيَّةُ بأنَّ العَدلَ أمينٌ لَهما جَميعًا، لِلراهِنِ بحِفظِ الرَّهنِ، ولِلمُرتَهَنِ بحَقِّ التَّوثقِ، وهو بَيعُه وتَوفيةُ المُرتَهَنِ دَينَه، فإذا باعه فقد باعه في حَقِّ أمانَتِه لِلمُرتَهَنِ، فوَجَب إذا تلِف الثَّمَنُ أنْ يَتلَفَ منه؛ لأنَّ الثَّمَنَ مِلكُه؛ لأنَّ ببَيعِه قد خَرَج مِنْ مِلكِ الراهِنِ وبَرِئتْ ذِمَّتُه.
وقال الشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ: وإنِ ادَّعى التَّلَفَ فالقَولُ قَولُه مع يَمينِه؛ لأنَّه أمينٌ، ويَتعذَّرُ عليه إقامةُ البَيِّنةِ على ذلك، وإنْ كُلِّفَ البَيِّنةَ شَقَّ عليه ورُبَّما أدى إلى ألَّا يَدخُلَ الناسُ في الأماناتِ.
فإنْ خالَفاه في قَبضِ الثَّمَنِ قالا: ما قَبَضه مِنَ المُشتَري وادَّعى أنَّه قبَض الثَّمَنَ مِنَ المُشتَري فيه وَجهانِ عندَ الحَنابِلةِ:
أحَدُهما: القَولُ قَولُه؛ لأنَّه أمينٌ، والآخَرُ: لا يُقبَلُ؛ لأنَّ هذا إبراءٌ لِلمُشتَري مِنَ الثَّمَنِ، فلا يُقبَلُ قَولُه فيه، كما لو أبرأه مِنْ غيرِ الثَّمَنِ.
٦ - إذا خرَج المَبيعُ مُستَحقًّا بعدَ تَلَفِ الثَّمَنِ في يَدِ العَدلِ:
وإذا باعَ العَدلُ الرَّهنَ وقبَض الثَّمَنَ في يَدِه ثم خرَج المَبيعُ مُستَحقًّا فلا عُهدةَ على العَدلِ عندَ الجُمهورِ المالِكيَّةِ والشافِعيَّةِ والحَنابِلةِ؛ إلا أنَّهم اختَلَفوا فيمَن تَكونُ عليه:
فقال المالِكيَّةُ: يأخُذُ المُستحِقُّ ما استَحَقَّه، ويَرجِعُ المُشتَري على مَنْ بِيعَ له، وهو المُرتَهَنُ، ويأخُذُ الثَّمَنَ منه ويَعودُ دَينُه في ذِمَّةِ الراهِنِ كما كان.