بطَلَبِ المُدَّعي، ولو وَكَّله بالبَيعِ مُطلَقًا حتى مَلَكَ البَيعَ بالنَّقدِ والنَّسيئةِ ثم نَهاه عن البَيعِ بالنَّسيئةِ لَم يَعمَلْ نَهيُه؛ لأنَّه لَازِمٌ بأصْلِه، فكذا بوَصفِه، وكذا لا يَنعزِلُ بالعَزلِ الحُكميِّ، كمَوتِ المُوكِّلِ وارتِدادِه ولُحوقِه بدارِ الحَربِ؛ لأنَّ الرَّهنَ لا يَبطُلُ بمَوتِه، ولو بَطَل فإنَّما كان يَبطُلُ لِحَقِّ الوَرَثةِ، وحَقُّ المُرتَهَنِ مُقدَّمٌ عليه كما يَتقدَّمُ على حَقِّ الراهِنِ، بخِلافِ الوَكالةِ المُفرَدةِ، حيث تَبطُلُ بالمَوتِ، ويَنعزِلُ بعَزلِ المُوكِّلِ لِما عُرِفَ في مَوضِعِه، وهذه الوَكالةُ تُخالِفُ المُفرَدةَ مِنْ وُجوهٍ، منها ما ذَكَرنا، ومنها: أنَّ الوَكيلَ هنا إذا امتَنَع مِنَ البَيعِ يُجبَرُ عليه، بخِلافِ الوَكالةِ المُفرَدةِ، ومنها أنَّ هذا يَبيعُ الوَلَدَ والأرشَ، بخِلافِ المُفرَدةِ، ومنها أنَّه إذا باعَ بخِلافِ جِنسِ الدَّينِ كان له أنْ يَصرِفَه إلى جِنسِ الدَّينِ، بخِلافِ المُفرَدةِ، ومنها أنَّ الرَّهنَ إذا كان عَبدًا وقَتَلَه عَبدٌ خَطَأً فدَفَع القاتِلُ بالجِنايةِ كان لِهذا الوَكيلِ أنْ يَبيعَه، بخِلافِ المُفردةِ.
ولا يَنعزِلُ العَدلُ بعَزلِ المُرتَهَنِ؛ لأنَّه لَم يُوكِّلْه، فكان أجنَبيًّا عنه بالنِّسبةِ إلى الوَكالةِ، وهو إذا عَزَله المُوكِّلُ لا يَنعَزِلُ، فبعَزلِ غَيرِه أوْلى ألَّا يَنعَزِلَ (١).
وأمَّا المالِكيَّةُ فقالوا في «أسهَلِ المَدارِكِ»: إذا وَكَّلَ الراهِنُ المُرتَهَنَ في بَيعِ الرَّهنِ فهي وَكالةٌ صَحيحةٌ، وليس لِلراهِنِ عَزلُ وَكيلِه الذي
(١) «الجوهرة النيرة» (٣/ ٢٠٥)، و «الدر المختار» (٦/ ٥٠٣، ٥٠٤، ٥٣٩)، و «البحر الرائق» (٧/ ١٨٩)، و «تبيين الحقائق» (٦/ ٨١، ٨٢)، و «مرشد الحيران» (٣/ ١٣٨٤، ١٣٨٥)، و «مجمع الأنهر» (٣/ ٣٤٠)، و «الأوسط» (٥/ ٦٨٥، ٦٨٦).