للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الشافِعيَّةُ: إذا ثبَت هذا: فإنْ عَلِمَ الوارِثُ بالبَيعِ، وبِمَوتِ مُورِّثِه عندَ مَوتِه فلَه الخيارُ فيما بَقيَ مِنْ مُدَّةِ الخيارِ، وإنْ لَم يَعلَم بهما، أو بأحَدِهما حتى مَضَتْ مُدَّةُ الخيارِ ففيه وَجهانِ:

أحَدُهما: يثبُتُ له الخيارُ في قَدْرِ ما بَقيَ مِنْ مُدَّةِ الخيارِ مِنْ حينِ عَلِمَ؛ لأنَّه لمَّا انتَقلَ الخيارُ إلى غيرِ مَنْ شُرِطَ له بالمَوتِ وجَب أنْ يَنتَقِلَ إلى غيرِ الزَّمانِ الذي شُرِطَ فيه.

والآخَرُ: يثبُتُ له الخيارُ على الفَورِ؛ لأنَّ المُدَّةَ التي شُرِطَ فيها الخيارُ قد فاتَتْ؛ فسَقَطتْ، وبَقيَ الخِيارُ؛ فكانَ على الفَورِ، كالرَّدِّ بالعَيبِ.

وذهَب الحَنفيَّةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ مَنْ له الخيارُ إذا ماتَ بطَل خِيارُه ويَنفُذُ عَقدُه؛ لأنَّ بالمَوتِ يَنقطِعُ الخيارُ، وقَطعُه يُوجِبُ تَمامَ البَيعِ، كما لو انقَضَتِ المُدَّةُ؛ فإنْ كانا جَميعًا بالخِيارِ فماتَ أحَدُهما تَمَّ البَيعُ مِنْ قِبَلِه، والآخَرُ على خِيارِه، فإنْ ماتَ جازَ عليه، ولا تَقومُ الوَرَثةُ مَقامَه في الفَسخِ والإجازةِ؛ لأنَّه حَقُّ فَسخٍ لا يَجوزُ الِاعتياضُ عنه، فلَم يُورَثْ كخيارِ الرُّجوعِ في الهِبةِ، ولأنَّ البائِعَ أو المُشتَريَ رَضيَ بثُبوتِ الخيارِ لِلمَوروثِ، لا لِلوارِثِ، ولأنَّه ليسَ إلَّا مَشيئةً وإرادةً لا يُتصوَّرُ انتِقالُه، والإرثُ إنَّما يَكونُ فيما يَقبَلُ الِانتِقالَ.

وإذا لَم يُورَثِ الخيارُ يَسقُطُ ضَرورةً؛ ويَصيرُ العَقدُ لازِمًا؛ لأنَّه وقَع العَجزُ عن الفَسخِ (١).


(١) «الجوهرة النيرة» (٣/ ٣٩، ٤٥، ٤٦)، و «اللباب» (١/ ٣٦٤)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ٤٩)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٥٨٩)، و «الشرح الكبير» للدردير (٤/ ١٦٥)، و «الجامع لمسائل المدونة» (١٣/ ٧٩٣، ٧٩٥)، و «نهاية المطلب» (٥/ ٢٧)، و «البيان في مذهب الإمام الشافعي» (٥/ ٣٧، ٣٨)، و «المغني» (٤/ ١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>