للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ثبَت عن الصَّحابةِ أنَّهم سَمَّوْه زانيًا، ولَم يَنظُروا إلى صُورةِ العَقدِ.

الدَّليلُ الثَّاني على تَحريمِ العِينةِ: ما رَواه ابنُ عمرَ قالَ: سَمِعتُ رَسولَ اللَّهِ يَقولُ: «إذا تَبايَعتُم بالعِينةِ وأخَذتُم أذنابَ البَقَرِ ورَضيتُم بالزَّرعِ وتَرَكتُم الجِهادَ، سَلَّطَ اللَّهُ عليكم ذُلًّا لا يَنزِعُه حتى تَرجِعوا إلى دِينِكم» (١).

والدَّليلُ الثَّالثُ: حَديثُ أبي إسحاقَ عن العاليةِ (زَوجَتِه) قالَتْ: خَرَجتُ أنا وأُمُّ مُحِبَّةَ إلى مَكَّةَ فدَخَلْنا على عائِشةَ فسَلَمنا عليها، فقالَتْ لَنا : مِمَّنْ أنتُنَّ؟ قُلْنا: مِنْ أهلِ الكُوفةِ، فكَأنَّها أعرَضَتْ عَنَّا. فقالَتْ لَها أُمُّ مُحِبَّةَ: يا أُمَّ المُؤمِنينَ، كانَتْ لي جاريةٌ وإنِّي بِعتُها مِنْ زَيدِ بنِ أرقَمَ الأنصاريِّ بثَمانِمِئةِ دِرهَمٍ إلى عَطائِه، وأنَّه أرادَ بَيعَها فابتَعتُها مِنه بسِتِّمِئةٍ نَقدًا. قالَتْ: فأقبَلَتْ علينا فقالَتْ : بئسَما شَرَيتِ، وما اشتَرَيتِ، فأبلِغي زَيدًا أنَّه قد أبطَلَ جِهادَه مع رَسولِ اللَّهِ ، إلَّا أنْ يَتوبَ. فقالَتْ لَها: أرَأيتِ إنْ لَم آخُذْ مِنه إلَّا رَأْسَ مالي؟ قالَتْ : فمَن جاءَه مَوعِظةٌ مِنْ رَبِّه فانتَهَى فلَه ما سَلَفَ (٢).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٣٤٦٢)، وغيره.
(٢) رواه الدارقطني (٣٠٤٤)، والبيهقي في «الكبرى» (١١١١٣)، قال الدَّارقُطنيُّ: أمُّ مُحبَّةَ والعالِيةُ مَجهولَتانِ لا يُحتجُّ بهما وقال ابنُ عبدِ البرِّ في «الاستذكار» (٦/ ٢٧٢): والحَديثُ مُنكرُ اللَّفظِ لا أصلَ له؛ لأنَّ الأعمالَ الصالِحةَ لا يُحبطُها الاجتهادُ، وإنَّما يُحبطُها الارتِدادُ ومُحالٌ أن تُلزمَ عائِشةُ زَيدًا التَّوبةَ بِرأيِها ويُكفِّرُه اجتهادُها، فهذا ما لا يَنبغي أن يُظنَّ بها ولا يُقبلُ عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>