للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشتَرَى شاةً فخرَج لَبَنُها قَليلًا أنَّ ذلك ليسَ بعَيبِ، والتَّدليسُ بما ليسَ بعَيبٍ لا يُثبِتُ الخِيارَ، كما لو عَلَفَها فانتَفَخَ بَطنُها، فظَنَّ المُشتَرِي أنَّها حامِلٌ، لكنَّه يَرجِعُ عليه بنُقصانِ العَيبِ.

قالوا: وحَديثُ المُصَرَّاةِ يَجِبُ ألَّا يُوجِبَ عَمَلًا؛ لِمُفارَقَتِه الأُصولَ، وذلك أنَّه مُفارِقٌ لِلأُصولِ مِنْ وُجوهٍ:

منها: أنَّه مُعارِضٌ لقولِه : «الخَراجُ بالضَّمانِ»، وهو أصْلٌ مُتَّفقٌ عليه.

ومنها: أنَّ فيه مُعارَضةَ مَنعِ بَيعِ طَعامٍ بطَعامٍ نَسيئةً، وذلك لا يَجوزُ باتِّفاقٍ.

ومنها: أنَّ الأصْلَ في المُتلَفاتِ إمَّا القِيَمُ وإمَّا الِمثْلُ، وإعطاءُ صاعٍ مِنْ تَمرٍ في لَبَنٍ ليسَ قِيمةً ولا مِثْلًا.

ثم اختلَف القائِلونَ بالتَّخييرِ في التَّصريةِ ما الذي يَجِبُ عليه إذا رَدَّ المُصَرَّاةَ:

فقالَ الشافِعيَّةُ في المَذهبِ والحَنابِلةُ بأنَّ الواجِبَ رَدُّ صاعٍ مِنْ تَمرٍ، كما قدَره الشَّرعُ، كما في الحَديثِ عن أبي هُريرةَ قالَ: قالَ رَسولُ اللَّهِ : «مَنِ اشتَرَى غَنَمًا مُصَرَّاةً فاحتَلَبَها، فإنْ رَضيَها أمسَكَها، وإنْ سَخِطَها ففي حَلبَتِها صاعٌ مِنْ تَمرٍ» (١)، وفي لَفظِ مُسلِمٍ: «رَدَّها وصاعًا مِنْ تَمرٍ، لا سَمراءَ» (٢).


(١) رواه البخاري (٢٠٤٤)، ومسلم (١٥٢٤).
(٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>