وكذا مَنْ نَسيَ عُضوًا من أَعضاءِ الوُضوءِ أو ترَكَ لُمعةً في أثناءِ الوُضوءِ ناسيًا؛ فإنْ طالَ الفَصلُ اقتصَرَ على فِعلِ المَنسيِّ ولا يُعيدُ ما بعدَه من الأَعضاءِ، أمَّا إنْ لم يَطُلِ الفَصلُ (أي: لم يَجفَّ العُضوُ بعدُ)؛ فإنَّه يَفعلُ المَنسيَّ ويُعيدُ ما بعدَه استِنانًا لأجلِ تَحصيلِ سُنةِ التَّرتيبِ.
الثاني: أنْ يَكونَ المُتوضِّئُ قادِرًا على المُوالاةِ؛ فإنْ فرَّقَ بينَ غَسلِ الأَعضاءِ لعَجزِه عن المُوالاةِ غيرَ مُفرِّطٍ، تَسقطُ عنه الفَوريةُ، ويَكونُ حُكمُه كحُكمِ الناسِي.
ومِثالُ ذلك أنْ يُحضرَ المُكلَّفُ الماءَ الكافيَ -باعتِقادِه- للوُضوءِ ثم يَظهرَ عَدمُ كِفايتِه، أو يُهراقَ الماءُ، أو يُغصبَ منه، ويَحتاجَ إلى ماءٍ آخَرَ ليُكملَ به وُضوءَه، فيَنتظرَ مُدةً تَجفُّ بها الأَعضاءُ التي غسَلَها، فعندَ حُضورِ الماءِ يَبني على ما فعَلَ ويُتمُّ وُضوءَه ولو طالَ الفَصلُ.
أمَّا إذا كان عاجِزًا مُفرِّطًا، كمَن أحضَرَ من الماءِ ما لا يَكفي لوُضوئِه؛ فإنَّه يَبني على ما فعَلَ ما لم يَطُلِ الفَصلُ، وإلا صارَ حُكمُه حُكمَ مَنْ فرَّقَ بينَ أَعضاءِ الوُضوءِ عامِدًا لا ناسيًا ولا عاجِزًا، فيَبطُلُ الوُضوءُ ويَجبُ عليه إعادَتُه من جَديدٍ (١).
(١) «شرح مختصر خليل» (١/ ١٢٧)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (١/ ١٤٧)، و «بداية المجتهد» (١/ ٣٨)، و «تفسير القرطبي» (٣/ ٤٦٨)، و «تحبير المختصر» (١/ ١٤٣، ١٤٤).