للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتَجُّوا أيضًا بما ثبَتَ عنه أنَّه كانَ يَتوضَّأُ في أولِ طُهورِه ويُؤخِّرُ غَسلَ رِجلَيه إلى آخِرِ الطُّهرِ (١).

القَولُ الثالِثُ: الوُجوبُ مع الذِّكرِ ومع القُدرةِ، ساقِطةٌ مع النِّسيانِ، ومع الذِّكرِ عندَ العُذرِ، مِثلَ عَدمِ تَمامِ الماءِ، ما لم يَتفاحَشِ التَّفاوتُ، وهو قَولُ المالِكيةِ في المَشهورِ والحَنابِلةِ في قَولٍ.

قال شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ : هذا القَولُ هو الأظهَرُ والأشبَهُ بأُصولِ الشَّريعةِ وبأُصولِ مَذهبِ أحمدَ وغيرِه، وذلك أنَّ أدِلةَ الوُجوبِ لا تَتناولُ إلا المُفرِّطَ، لا تَتناولُ العاجِزَ عن المُوالاةِ (٢).

قالَ المالِكيةُ: المُوالاةُ: عِبارةٌ عن الإِتيانِ بأفعالِ الطَّهارةِ في زَمنٍ مُتصلٍ من غيرِ تَفريقٍ فاحِشٍ، أي: يُفترضُ على المُتوضِّئِ أنْ يَنتقِلَ إلى غَسلِ العُضوِ قبلَ أنْ يَجفَّ الذي قبلَه، سَواءٌ كانَ مَغسولًا أو مَمسوحًا، عندَ اعتِدالِ الزَّمانِ (وهو أنْ يَكونَ في فَصلٍ لا يَترتَّبُ عليه جَفافُ الماءِ بحالةٍ غيرِ مُعتادةٍ) والمَكانِ (أي: ألَّا يَكونَ في مَكانٍ فيه حَرٌّ أو بَردٌ شَديدانِ يُجفِّفان الماءَ) والمِزاجِ (وهو ألَّا يَكونَ في طَبيعةِ الشَّخصِ ما يُوجبُ تَجفيفَ الماءِ بسُرعةٍ).


(١) رواه البخاري (٢٥٧)، ومسلم (٣١٧).
(٢) «مجموع الفتاوى» (٢١/ ١٣٥، ١٣٦)، وينظر: «بدائع الصنائع» (١/ ٩٢)، و «رد المحتار» (١/ ٢٤٥)، و «حاشية الدسوقي» (١/ ١٤٧)، و «بداية المجتهد» (١/ ٣٨)، و «تفسير القرطبي» (٣/ ٤٦٨)، و «روضة الطالبين» (١/ ٢١٤)، و «شرح صحيح مسلم» (٣/ ١٠٨)، و «المغني» (١/ ١٧٥)، و «نيل الأوطار» (١/ ٢١٧)، و «منار السبيل» (١/ ٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>