للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اختلَف الفُقهاءُ في حُكمِ هذه المَسألةِ على قَولَيْنِ:

القَولُ الأوَّلُ: وهو قَولُ جُمهورِ الفُقهاءِ المالِكيَّةِ والشافِعيَّةِ والحَنابِلةِ في المَذهبِ إلى أنَّ ذلك غيرُ جائِزٍ.

واستَدلَّ الجُمهورُ على عَدَمِ الجَوازِ بما رَواه مُسلِمٌ عن فَضالةَ بنِ عُبَيدِ قالَ: «اشتَرَيتُ يَومَ خَيبَرَ قِلادةً باثنَيْ عشَرَ دِينارًا، فيها ذَهَبٌ وخَرَزٌ، ففَصَّلتُها، فوَجَدتُ فيها أكثَرَ مِنْ اثنَيْ عشَرَ دِينارًا، فذَكَرتُ ذلك لِلنَّبيِّ فقال: «لا تُباعُ حتى تُفصَّلَ» (١)، ولأنَّ قَضيَّةَ اشتِمالِ أحَدِ طَرَفَيِ العَقدِ على مالَيْنِ مُختلِفَيْنِ تَوزيعُ ما في الآخَرِ عليهما، اعتِبارًا بالقِيمةِ، كما في بَيعِ شِقصٍ مَشفوعٍ وسَيفٍ بألْفٍ وقِيمةُ الشِّقصِ مِئةٌ والسَّيفِ خَمسونَ، فإنَّ الشَّفيعَ يَأخُذُ الشِّقصَ بثُلُثَيْنِ، والتَّوزيعُ هُنا يُؤَدِّي إلى المُفاضَلةِ، أو الجَهلِ بالمُماثَلةِ؛ لأنَّه إذا باعَ مُدًّا ودِرهَمًا بمُدَّيْنِ، إنْ كانَتْ قِيمةُ المُدِّ الذي مع الدِّرهَمِ أكثَرَ أو أقَلَّ مِنه، لزِمتْه المُفاضَلةُ أو مِثلُه، فالمُماثَلةُ مَجهولةٌ، فلو كانَتْ قِيمَتُه دِرهَمَيْنِ فالمُدُّ ثُلُثَا طَرَفِه، فيُقابِلُه ثُلُثَا المُدَّيْنِ، أو نِصفُ دِرهَمٍ، فالمُدُّ ثُلُثُ طَرَفِه، فيُقابِلُه ثُلُثُ المُدَّيْنِ، فنُلزِمُ المُفاضَلةَ أو مثلَه، فالمُماثَلةُ مَجهولةٌ؛ لأنَّها تَعتَمِدُ التَّقويمَ، وهو تَخمينٌ قد يُخطِئُ» (٢).


(١) رواه مسلم (١٥٩١).
(٢) «الاستذكار» (٦/ ٣٦٨)، و «المهذب» (١/ ٢٧٣)، و «الوسيط» (٣/ ٤٤٤، ٤٤٨)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٤٩، ٥٠)، و «مغني المحتاج» (٢/ ٤٥٦، ٤٥٨)، و «أسنى المطالب» (٢/ ٢٥)، و «المغني» (٤/ ٤٤، ٤٥)، و «الإفصاح» (١/ ٣٧٣)، و «القواعد» لابن رجب (١/ ٢٨٣، ٢٨٤)، و «المبدع» (٤/ ١٤٤، ١٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>