للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليسَ بينَ الوُضوءِ والتَّيممِ عندَهم في ذلك فَرقٌ، وفرَّقَت طائِفةٌ بينَ الوُضوءِ والتَّيممِ فقالَت: يُجزئُ الوُضوءُ بغيرِ نيةٍ ولا يُجزئُ التَّيممُ إلا بنيةٍ، هذا قَولُ سُفيانَ الثَّوريِّ وأَصحابِ الرأيِ، قالَ الثَّوريُّ: إذا علَّمتَ رَجلًا التَّيممَ فلا يُجزئُك أنْ تُصليَ بذلك التَّيممِ إلا أنْ تَكونَ نَويتَ أنَّك تَتيمَّمُ لنَفسِك، فإذا علَّمتَه الوُضوءَ أجزَأَك.

وفيه قَولٌ ثالِثٌ حُكيَ عن الأَوزاعيِّ أنَّه قالَ في الرَّجلِ يُعلِّمُ الرَّجلَ التَّيممَ وهو لا يَنوي أنْ يَتيمَّمَ لنَفسِه إنَّما علَّمَه ثم حضَرَت الصَّلاةُ، قالَ: يُصلِّي على تَيمُّمِه كما أنَّه لو تَوضَّأ هو لا يَنوي كانَ طاهِرًا، هذه حِكايةُ أبي المُغيرةِ عنه، وبه قالَ الحَسنُ بنُ صالِحٍ.

وحَكى الوَليدُ بنُ مُسلمٍ الأَوزاعيُّ أنَّه قالَ: لا يُجزئُه في التَّيممِ ويُجزئُه في الوُضوءِ.

وحَكى الوَليدُ مِثلَه عن مالِكٍ والثَّوريِّ.

قالَ أبو بَكرٍ: أمَّا حِكايَتُه عن الثَّوريِّ فكما حَكى لمُوافَقتِه حِكايةَ الأشجَعيِّ والعَدنِيِّ وعَبدِ الرَّزاقِ والفاريابيِّ عنه، وأمَّا ما حَكاه عن مالِكٍ فما رَواه أَصحابُ مالِكٍ عن ابنِ وَهبٍ وابنِ القاسِمِ أصَحُّ واللهُ أعلَمُ.

قالَ أبو بَكرٍ: دَلَّ قَولُ رَسولِ اللهِ : «إنَّما الأعمالُ بالنِّيةِ» لمَا عَمَّ جَميعَ الأَعمالِ، ولم يَخصَّ منها شَيئًا أنَّ ذلك في الفَرائضِ والنَّوافلِ، ثم بيَّنَ تَصرُّفَ الإراداتِ، فقالَ: «مَنْ كانَت هِجرتُه إلى اللهِ ورَسولِه فهِجرتُه إلى اللهِ ورَسولِه، ومَن كانَت هِجرتُه إلى دُنيا يُصيبُها أو امرأةٍ يَتزوَّجُها

<<  <  ج: ص:  >  >>