للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من العِبادَتَين، ولذلك وقَعَ الخِلافُ فيه، وذلك أنَّه يَجمعُ عِبادةً ونَظافةً، والفِقهُ أنْ يُنظرَ بأيِّهما هو أَقوى شَبهًا فيُلحقَ به (١).

وقالَ الإمامُ الجُوينيُّ : وقد اشتَمَلت آيةُ الوُضوءِ على بَيانٍ بالِغٍ فيه، فليَتَّخذْها أهلُ الزَّمانِ (٢) مَرجعَهم في أصلِ البابِ، وسيُتلَى القُرآنُ إلى فَجرِ القيامةِ، ثم الذي يَقتَضي الزَّمانُ الخالي عن الفُقهاءِ وناقِلي المَذاهبِ أنَّ النِّيةَ لا تَجبُ على المُتوضِّئِ إذْ ليسَ لها ذِكرٌ في الكِتابِ ولم يُنقلِ الوُضوءُ نَقلَ القُربِ التي شُرعَت مَقصودةً للتَّقرُّبِ إلى اللهِ بل نُقلَت نَقلَ الذَّرائعِ والمُقدِّماتِ التي يُقصدُ بها غيرُها، فليسَ في نَقلِه المُطلقِ على الاستِفاضةِ والتَّواتُرِ إِشعارٌ بالنِّيةِ، وليسَ في كِتابِ اللهِ ما يُضمِّنُها، وكذلك القَولُ في التَّيممِ.

فإنْ قيلَ: التَّيممُ هو القَصدُ، فهلَّا أشعَرَ لَفظُه بالنِّيةِ؟ قُلنا: هو بمَعنى القَصدِ، ولكنَّه مَربوطٌ بالصَّعيدِ فيَجبُ من مُقتَضاه القَصدُ إلى التُّرابِ.

فهذا حُكمُ النِّيةِ في الزَّمانِ العاري عن ذِكرِ الأدِلةِ على اشتِراطِ النِّيةِ (٣).

وقالَ الإمامُ ابنُ المُنذرِ : وقدِ اختَلَف أهلُ العِلمِ فيمَن تَوضَّأ وهو لا يَنوي بوُضوئِه الطَّهارةَ، فقالَت طائِفةٌ: لا يُجزئُه، كذلك قالَ الشافِعيُّ ورَبيعةُ بنُ أبي عبدِ الرَّحمنِ ومالِكٌ وأحمدُ وإِسحاقُ وأبو عُبيدٍ وأبو ثَورٍ،


(١) «بداية المجتهد» (١/ ٢٧).
(٢) أي الزَّمانِ الخالِي من العُلماءِ ودُروسِ التَّفاصيلِ والأدلةِ.
(٣) «غياث الأمم» ص (٥١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>