ولأنَّ الحَبَّ ما دامَ مَطعومًا يَحرُمُ فيه الرِّبا، فإذا زُرِعَ وخرَج عن أنْ يَكونَ مَطعومًا لَم يَحرُمْ فيه الرِّبا، فإذا انعقَد الحَبُّ وصارَ مَطعومًا حرُم فيه الرِّبا، فدَلَّ على أنَّ العِلَّةَ فيه كَونُه مَطعومًا، ولأنَّ الطُّعمَ وَصفُ شَرَفٍ؛ إذْ به قِوامُ الأبدانِ فيَقتَضي التَّعليلَ بها.
والجَوابُ: حَديثُ: «فإذا اختَلَفتْ هذه الأصنافُ»، فالمُرادُ جَوازُ التَّفاضُلِ في هذه الأصنافِ إذا اختَلَفتْ، ومَنعُه فيها إذا اتَّفَقتْ، لا مَنعُه في غيرِها.
فعلى هذا يَحرُمُ الرِّبا في كلِّ مَطعومٍ، سَواءٌ كانَ ممَّا يُكالُ أو ممَّا يُوزَنُ أو غيرَهما، ولا يَحرُمُ في غيرِ المَطعومِ، فيَجري الرِّبا في السَّفَرجَلِ والبِطِّيخِ والرُّمَّانِ والبُقولِ وغيرِها مِنْ المَطعومِ.
والمُرادُ بالمَطعومِ ما يُعَدُّ لِلطُّعمِ في الأغلَبِ تَقوُّتًا وتَأدُّمًا، أو تَفكُّهًا أو تَداويًا أو غيرَها، فيَحرُمُ الرِّبا في جَميعِ ذلك، وسَواءٌ ما أُكِلَ في الأغلَبِ، فيَدخُلُ فيه الحُبوبُ والأُدمُ والحَلاواتُ والفَواكِهُ والبُقولُ والتَّوابِلُ والأدويةُ، أو نادِرًا كالبَلُّوطِ والطُّرثوثِ، وهو نَبتٌ مَعروفٌ، وسَواءٌ ما أُكِلَ وَحدَه أو مع غيرِه.
ويَجري تَحريمُ الرِّبا في جَميعِ الأدويةِ، كالإهليلَجِ والأملَجِ والسُّقْمونيا وغيرِها.
وكذا الماءُ يَحرُمُ فيه الرِّبا.
وأمَّا الأدهانُ فأضرُبٌ:
أحَدُها: ما يُعَدُّ لِلأكلِ، كالزُّبدِ والسَّمنِ والزَّيتِ والشَّيرَجِ، ودُهنِ الجَوزِ