للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشَّعيرُ بالشَّعيرِ، والتَّمرُ بالتَّمرِ، والمِلحُ بالمِلحِ، مِثْلًا بمِثْلٍ، يَدًا بيَدٍ، فمَن زادَ أو استَزادَ فقد أرْبَى، الآخِذُ والمُعطي فيه سَواءٌ» (١). ووَجْهُ الدِّلالةِ أنَّه أوجَبَ المُماثَلةَ في الجِنسِ الواحِدِ تَتميمًا لِلفائِدةِ في حَقِّ العاقِدَيْنِ، إذ لو كانَ أحَدُ العِوضَيْنِ أقَلَّ مِنْ الآخَرِ لَكانَتِ الفائِدةُ تامَّةً لِأحَدِ العاقِدَيْنِ دونَ الآخَرِ، والمُماثَلةُ تَكونُ باعتِبارِ الصُّورةِ: القَدْرِ، وبِاعتِبارِ المَعنَى: الجِنسُ.

وعن ابنِ عمرَ قالَ: قالَ رَسولُ اللَّهِ : «لا تَبيعوا الدِّينارَ بالدِّينارَيْنِ، ولا الدِّرهَمَ بالدِّرهَمَيْنِ، ولا الصَّاعَ بالصَّاعَيْنِ، فإنِّي أخافُ عليكم الرَّما والرَّما هو الرِّبا»، فقامَ إليه رَجُلٌ فقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، أرَأيتَ الرَّجُلَ يَبيعُ الفَرَسَ بالأفراسِ، والنَّجيبةَ بالإبِلِ؟ قالَ: «لا بَأسَ إذا كانَ يَدًا بيَدٍ» (٢)، والمُرادُ ما يَحِلُّ بالصَّاعِ؛ إذ لا يَجري الرِّبا في نَفْسِ الصَّاعِ، وهو عامٌّ فيما يُحِلُّه، فيَتناوَلُ المَطعومَ وغيرَه.

وما رُويَ عن عُبادةَ وأنَسٍ أنَّ النَّبيَّ قالَ: «ما وُزِنَ مِثْلٌ بمِثْلٍ، إذا كانَ نَوعًا واحِدًا، وما كِيلَ فمِثلُ ذلك، فإذا اختلَف النَّوعانِ فلا بَأْسَ بهِ» رَواه الدارَقُطنيُّ (٣).

وَجْهُ التَّمسُّكِ به أنَّه رَتَّبَ الحُكمَ على الجِنسِ، والقَدْرِ، وهذا نَصٌّ على أنَّهُما عِلَّةُ الحُكمِ؛ لِما عُرِفَ أنَّ تَرتُّبَ الحُكمِ على الِاسمِ المُشتَقِّ يُنبِئُ عن عِلِّيَّةِ مَأخَذِ الِاشتِقاقِ لِذلك الحُكمِ، فيَكونُ تَقديرُه: المَكيلُ والمَوزونُ مِثْلًا


(١) رواه البخاري (٢١٧٧)، ومسلم (١٥٨٤).
(٢) سبَق تخريجُه.
(٣) رواه الدارقطني (٢٨٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>