للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالقولِ بالتَّداخُلِ يَبطلُ المَقصودُ من كلٍّ منهما، فلم يُمكِنِ القولُ به نَظيرَ ما قالوه في سُنةِ غُسلِ الجُمُعةِ وغُسلِ العيدِ، وسُنةِ الظُّهرِ وسُنةِ العَصرِ، وأمَّا تَحيَّةُ المَسجدِ ونحوِها فهي ليست مَقصودةً لذاتِها، بل لعَدمِ هَتكِ حُرمةِ المَسجدِ، وذلك حاصِلٌ بصَلاةِ غيرِها، وكذا صَومُ نحوِ الاثَنيْن؛ لأنَّ القَصدَ منه إحياءُ هذا اليومِ بعِبادةِ الصَّومِ المَخصوصةِ، وذلك حاصِلٌ بأيِّ صَومٍ وقَع فيه، وأمَّا الأُضحيَّةُ والعَقيقةُ فليستا كذلك، كما ظهَر مما قرَّرتُه، وهو واضِحٌ، والكَلامُ حيث اقتصَر على نحوِ شاةٍ أو سُبعِ بَدنةٍ أو بَقرةٍ، أما لو ذبَح بَدنةً أو بَقرةً عن سَبعةِ أسبابٍ منها ضَحيَّةٌ وعَقيقةٌ والباقي كَفاراتٌ في نحوِ الحَلقِ في النُّسكِ فيُجزِئُ ذلك، وليس هو من بابِ التَّداخُلِ في شيءٍ؛ لأنَّ كلَّ سُبعٍ يَقعُ مُجزِئًا عما نَوى به، وفي شَرحِ العُبابِ: لو وُلد له ولَدانِ ولو في بَطنٍ واحِدةٍ فذبَح عنهما شاةً لم يَتأدَّ بها أصلُ السُّنةِ، كما في المَجموعِ وغيرِه، وقال ابنُ عَبدِ البرِّ: لا أعلمُ فيه خِلافًا. اه.

وبهذا يُعلَمُ أنَّه لا يُجزِئُ التَّداخُلُ في الأُضحيَّةِ والعَقيقةِ من بابِ أوْلى؛ لأنَّه إذا امتنَع مع اتِّحادِ الجِنسِ فأوْلى مع اختِلافِه، واللهُ أعلمُ بالصَّوابِ (١).

وقال في «تُحفةِ المُحتاجِ»: لو نَوى بشاةٍ الأُضحيَّةَ والعَقيقةَ لم تَحصلْ واحِدةٌ منهما، وهو ظاهرٌ؛ لأنَّ كلًّا منهما سُنةٌ مَقصودةٌ، ولأنَّ القَصدَ


(١) «الفتاوى الفقهية الكبرى» (٤/ ٢٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>