للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمامُ النَّوويُّ في شَرحِه لكلامِ الشِّيرازيِّ: الحالُ الثانيةُ: أنْ يَكونَ الهَديُ أو الأُضحيَّةُ مَنذورًا، قال الأصحابُ: كلُّ هَديٍ وجَب ابتِداءً من غيرِ التِزامٍ كدَمِ التَّمتُّعِ والقِرانِ وجُبراناتِ الحَجِّ لا يَجوزُ الأكلُ منه بلا خِلافٍ، فلو أكَل منه غَرِمَ ولا يَجبُ إراقةُ الدَّمِ ثانيةً، وفيما يَغرَمُه أَوجُهٌ: أَصحُّها وهو نصُّه في القَديمِ: يَغرَمُ قيمةَ اللَّحمِ كما لو أتلَفه غيرُه، والثاني: يَلزمُه مثلُ ذلك اللَّحمِ فيَتصدَّقُ به، والثالِثُ: يَلزمُه شِقصٌ من حَيوانٍ مثلِه، ويُشاركُ في ذَبيحةٍ؛ لأنَّ ما أكلَه أبطَل حُكمَ إراقةِ الدَّمِ فيه، فصار كما لو ذبَحه وأكلَ الجميعَ فإنَّه يَلزمُه دَمٌ آخرُ.

وأمَّا المُلتزمُ بالنَّذرِ من الهَدايا، فإنْ عيَّنه بالنَّذرِ عمَّا في ذِمتِه من دَمِ حَلقٍ أو تَطيُّبٍ ولِباسٍ وغيرِ ذلك لم يَجزْ له الأكلُ منه، كما لو ذبَح شاةً بهذه النِّيةِ بغيرِ نَذرٍ وكالزَّكاةِ.

وإنْ نذَر نَذرَ مُجازاةٍ، كتَعليقِه التِزامَ الهَديِ أو الأُضحيَّةِ بشِفاءِ المَريضِ ونحوِه لم يَجزِ الأكلُ منه أيضًا كجَزاءِ الصَّيدِ، ومُقتضَى كَلامِ الأصحابِ أنَّه لا فرقَ بينَ كَونِ المُلتزَمِ مُعيَّنًا أو مُرسَلًا في الذمَّةِ ثم يَذبحُ عنه.

فإنْ أطلَق الالتِزامَ فلم يُعلِّقْه بشيءٍ وقُلنا بالمَذهبِ إنَّه يَصحُّ نَذرُه ويَلزمُه الوَفاءُ نُظر فإنْ كان المُلتزَمُ مُعيَّنًا بأنْ قال: للهِ علَيَّ أنْ أُضحيَ بهذه أو أُهديَ هذه، ففي جوازِ الأكلِ منها قَولان، ووَجهٌ، أو ثَلاثةُ أوجُهٍ:

أصحُّها: لا يَجوزُ الأكلُ من الهَديِ ولا الأُضحيَّةِ.

والثاني: يَجوزُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>