وإنْ كان نَذرَ مُجازاةٍ كالنَّذرِ لشِفاءِ المَريضِ وقُدومِ الغائبِ لم يَجزْ أنْ يَأكلَ منه؛ لأنَّه جَزاءٌ، فلم يَجزْ أنْ يَأكلَ منه كجَزاءِ الصَّيدِ، فإنْ أكَل شيئًا منه ضَمِنه.
وفي ضَمانِه ثَلاثةُ أَوجُهٍ:
أحدُها: يَلزمُه قيمةُ ما أكَل كما لو أكَل منه أجنَبيٌّ.
والثاني: يَلزمُه مثلُه من اللَّحمِ؛ لأنَّه لو أكَل جميعَه ضَمِنه بمثلِه، فإذا أكَل بعضَه ضَمِنه بمثلِه.
والثالِثُ: يَلزمُه أنْ يَشتريَ جُزءًا من حَيوانٍ مثلِه ويُشارِكَ في ذَبحِه.
وإنْ كان نَذرًا مُطلقًا ففيه ثَلاثةُ أوجُهٍ:
أحدُها: أنَّه لا يَجوزُ أنْ يَأكلَ منه؛ لأنَّه إراقةُ دَمٍ واجبٍ، فلا يَجوزُ أنْ يَأكلَ منه كدَمِ الطِّيبِ واللِّباسِ.
والثاني: يَجوزُ؛ لأنَّ مُطلَقَ النَّذرِ يُحملُ على ما تَقرَّر في الشَّرعِ، والهَديُ والأُضحيَّةُ المَعهودةُ في الشَّرعِ يَجوزُ الأكلُ منها، فحُمل النَّذرُ عليه.
والثالِثُ: أنَّه إنْ كان أُضحيَّةً جازَ أنْ يَأكلَ منها؛ لأنَّ الأُضحيَّةَ المَعهودةَ في الشَّرعِ يَجوزُ الأكلُ منها، وإنْ كان هَديًا لم يَجزْ أنْ يَأكلَ منه؛ لأنَّ أكثرَ الهَدايا في الشَّرعِ لا يَجوزُ الأكلُ منها، فحُمل النَّذرُ عليها (١).