للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فليسَ عليه شيءٌ، إنَّما قال اللهُ تَعالى: ﴿فَإِذَا أَمِنْتُمْ﴾» (١)، وهو مَرويٌّ عن ابنِ عُمرَ والزُّهريِّ وطاوُوسٍ وزَيدِ بنِ أسلَم بنحوِ ذلك.

ورَوى الإمامُ مالكٌ في «المُوطَّأِ» والشافِعيُّ في «الأُمِّ» عن يَحيى بنِ سَعيدٍ عن سُلَيمانَ بنِ يَسارٍ: «أنَّ عبدَ اللهِ بنَ عُمرَ ومَروانَ بنَ الحَكمِ وابنَ الزُّبيرِ أفتَوْا ابنَ حُزابةَ المَخزوميَّ وأنَّه صُرعَ ببعضِ طَريقِ مكةَ وهو مُحرِمٌ أنْ يَتداوَى بما لا بدَّ له منه ويَفتَديَ، فإذا صحَّ اعتمَر فحلَّ من إحرامِه، وكان عليه أنْ يحُجَّ عامًا قابِلًا ويُهديَ» (٢).

أمَّا الدَّليلُ من المَعقولِ: فقال الشِّيرازيُّ : إنْ أحرَم وأحصَره المَرضُ لم يَجزْ له أنْ يَتحلَّلَ؛ لأنَّه لا يَتخلَّصُ بالتَّحلُّلِ من الأذَى الذي هو فيه، فهو كمَن ضلَّ الطَّريقَ (٣).

وذهَب الحَنفيةُ والإمامُ أحمدُ في رِوايةٍ اختارَها شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ إلى أنَّ الإحصارَ يَتحقَّقُ بالعَدوِّ وغيرِه، كالمَرضِ وهَلاكِ النفَقةِ، ومَوتِ مَحرَمِ المَرأةِ، أو زَوجِها في الطَّريقِ؛ لعُمومِ قولِ اللهِ تَعالى: ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾، والإحصارُ هو المَنعُ، والمَنعُ كما يَكونُ


(١) رواه الشافعي في «مسنده» (١/ ٣٦٧)، وصححه النووي في «المجموع» (٨/ ٢٣٤)، والحافظ ابن حجر في «تلخيص الحبير» (٢/ ٢٨٨).
(٢) رواه مالك في «الموطأ» (١/ ٣٦٢)، والشافعي في «مسنده» (١/ ١٢٤)، والبيهقي (٥/ ٢٢٠).
(٣) «المهذب» (١/ ٢٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>