فبعدَ ذِكرِ أقوالِ العُلماءِ في هذه المَسألةِ -وهي مُدةُ قَدرِ المَبيتِ الواجبِ في المُزدَلفةِ- يَتبيَّنُ لي عدَّةُ أُمورٍ:
١ - على قولِ من يَقولُ: إنَّ النُّزولَ بالمُزدَلفةِ قَدرَ حطِّ الرِّحالِ واجبٌ، والمَبيتَ بها سُنةٌ، فلو مرَّ بها، ولم يَنزِلْ وجَب عليه دَمٌ، كما هو قولُ المالِكيةِ، فعلى هذا لا يَجوزُ له المُرورُ فقط، فيَجبُ عليه أنْ يَنزلَ بها قَدرَ حَطِّ الرَّحلِ، وهو قَليلٌ، وإلا فعليه دَمٌ.
٢ - وعلى قولِ من يَقولُ: إنَّ المَبيتَ مُعظمَ اللَّيلِ بمُزدَلفةَ واجبٌ -كما هو مَذهبُ الشافِعيةِ في الصَّحيحِ والحَنابلةِ- لا يَجوزُ المُرورُ بالمُزدَلفةِ فقَط دونَ المَبيتِ فيها مُعظمَ اللَّيلِ، ومَن فعَل ذلك فعليه دَمٌ.
٣ - وعلى قولِ من يَقولُ: إنَّ المَبيتَ بمُزدَلفةَ سُنةٌ لا يَجبُ بتَركِه دَمٌ -كما هو قولُ عَطاءٍ والأوزاعيِّ وقَولٌ للشافِعيةِ- فعلى هذا لو مرَّ بها دونَ أنْ يَنزلَ أو يَبيتَ بها فلا شيءَ عليه في هذا.
٤ - وعلى قولِ من يَقولُ: إنَّ وقتَه وزَمانَه ما بينَ طُلوعِ الفجرِ يومَ النَّحرِ