للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَب الحَنابلةُ ومالكٌ في رِوايةٍ والشافِعيُّ في قَولٍ إلى أنَّ التَّمتُّعَ أفضلُ.

قال ابنُ قُدامةَ : لِما رَوى ابنُ عَباسٍ وجابرٌ وأبو موسى وعائشةُ : «أنَّ النَّبيَّ أمَر أصحابَه لمَّا طافوا بالبَيتِ، أنْ يَحلُّوا، ويجعَلوها عُمرةً» (١)، فنقَلهم من الإفرادِ والقِرانِ إلى المُتعةِ، ولا يَنقلُهم إلا إلى الأفضَلِ، وهذه الأحاديثُ متَّفقٌ عليها، ولم يُختلَفْ عن النَّبيِّ أنَّه لمَّا قدِم مكةَ أمَر أصحابَه أنْ يَحلُّوا إلا من ساقَ هَديًا، وثبَت على إحرامِه، وقال: «لَو استَقبَلتُ من أَمْرِي ما استَدبَرتُ، لَم أسُقِ الهَديَ، ولجعَلتُها عُمرةً» (٢).

قال جابرٌ : «حجَجْنا مع النَّبيِّ يومَ ساقَ البُدنَ معه، وقد أهَلُّوا بالحَجِّ مُفرَدًا، فقال لَهم: «أحِلُّوا من إحرامِكم بطَوافِ البَيتِ وبينَ الصَّفا والمَروةِ وقصِّروا، ثم أقيموا حَلالًا حتى إذا كان يومُ التَّرويةِ فأهِلُّوا بالحَجِّ، واجعَلوا التي قَدِمتُم بها مُتعةً»، فقالوا: كيفَ نَجعَلُها مُتعةً وقد سَمَّينا الحَجَّ؟ فقال: «افعَلوا ما أمَرتُكم، فلولا أنِّي سُقتُ الهَديَ لَفَعلتُ مثلَ الذي أمَرتُكم بهِ».

وفي لفظٍ: فقامَ رَسولُ اللهِ فقال: «قد علِمتُم أنِّي أتقاكُم للهِ،


(١) رواه البخاري (١٤٧٦، ١٤٩٣)، ومسلم (١٢١١، ١٢١٣، ١٢١٦)، وأبو داود (١٧٨٨)، وأحمد (٧/ ٢٠٩، ٣/ ٥، ٧٥، ٢٧١).
(٢) رواه مسلم (١٢١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>