للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابنُ قُدامةَ : ولأنَّه يَجِبُ بعَقدِه فكان الشَّرطُ إليه فيه كالوَقفِ ولأنَّ الاعتِكافَ لا يَختَصُّ بقَدرٍ، فإذا شرَط الخُروجَ فكأنَّه نذَر القَدرَ الذي أقامَه، وإنْ قال: مَتى مَرِضتُ أو عرَض لي عارِضٌ خرَجتُ، جازَ شَرطُه (١).

وذهَب المالِكيَّةُ وهو مُقابِلُ الأظهَرِ عندَ الشافِعيَّةِ إلى إلغاءِ الشَّرطِ، قال الإمامُ مالِكٌ : لم أسمَعْ أحَدًا مِنْ أهلِ العِلمِ يَذكُرُ في الاعتِكافِ شَرطًا وإنَّما الاعتِكافُ عَملٌ من الأعمالِ كهَيئةِ الصَّلاةِ والصِّيامِ والحَجِّ وما سِوى ذلك من الأعمالِ ما كان ذلك فَريضةً أو نافِلةً فمَن دخَل في شَيءٍ من ذلك فإنَّما يَعمَلُ بما مَضى من السُّنَّةِ وليس له أنْ يُحدِثَ في ذلك غَيرَ ما مَضى عليه المُسلِمون من شَرطٍ يَشترِطُه ولا شَيءَ يَبتدِعُه وإنَّما العَملُ في هذه الأشياءِ بما مَضى من السُّنَّةِ وقد اعتكَف رَسولُ اللهِ وعرَف المُسلِمون سُنَّةَ الاعتِكافِ (٢).

إلا أنَّ الجُمهورَ اختَلَفوا فيما يَصحُّ أنْ يَدخُلَ تَحتَ الشَّرطِ أو لا يَدخُلَ.

فقال الحَنفيَّةُ: لو شَرَط وَقتَ النَّذرِ أنْ يَخرُجَ لِعيادةِ مَريضٍ وصَلاةِ جِنازةٍ وحُضورِ مَجلِسِ عِلمٍ جازَ ذلك (٣).


(١) «المغني» (٤/ ٢٧٥).
(٢) «الموطأ» (١/ ٣٣٢)، وانظر: «شرح الزرقاني» (٢/ ٣٧٧)، و «القوانين الفقهية» (٨٥).
(٣) «الدر المختار» (٢/ ٤٩٣)، و «حاشية الطحطاوي» (١/ ٤٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>