للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا التَّعليلُ قد يُعارَضُ بيَومِ الأحدِ؛ فإنَّه يَومُ عيدِ النَّصارى؛ فإنَّه قال: «اليَومُ لنا وغَدًا لِليهودِ وبَعدَ غَدٍ لِلنَّصارى» وقد يُقالُ: إذا كان يَومُ عِيدٍ فمُخالَفَتُهم فيه بالصَّومِ لا بالفِطرِ.

ويَدُلُّ على ذلك ما رَواه كُرَيبٌ مَولَى ابنِ عَباسٍ قال: أرسَلني ابنُ عَباسٍ وناسٌ من أصحابِ النَّبيِّ إلى أُمِّ سَلمةَ أسألُها: أيَّ الأيامِ كان رَسولُ اللهِ أكثَرَ صيامًا لها؟ قالت: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَصُومُ يَوْمَ السَّبْتِ وَيَوْمَ الأَحَدِ أَكْثَرَ مَا كَانَ يَصُومُ مِنَ الأَيَّامِ وَيَقُولُ: إِنَّهُمَا عِيدَانِ لِلْمُشْرِكِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ أُخَالِفَهُمُ» (١). رَواه أحمدُ وابنُ أبي عاصِمٍ والنَّسائيُّ وصَحَّحَه بَعضُ الحُفَّاظِ.

وهذا نَصٌّ في استِحبابِ صَومِ يَومِ عيدِهم لِأجلِ قَصدِ مُخالَفتِهم.

وقد رُوي عن عائِشةَ قالت: «كان رَسولُ اللَّهِ يَصُومُ من الشَّهرِ السَّبتَ وَالأَحَدَ والاثنَينَ ومِنَ الشَّهرِ الآخَرِ الثُّلاثَاءَ وَالأَرْبِعَاءَ وَالخَمِيسَ» (٢) رَواه التِّرمذيُّ وقال: حَديثٌ حَسَنٌ، قال: وقد رَوى ابنُ مَهديٍّ هذا الحَديثَ عن سُفيانَ ولم يَرفَعْه.

وهذان الحَديثانِ ليسا بحُجَّةٍ على مَنْ كَرِه صَومَ يَومِ السَّبتِ وَحدَه وعَلَّل ذلك بأنَّهم يَترُكون فيه العَملَ والصَّومَ مَظنَّةَ ذلك؛ فإنَّه إذا صامَ السَّبتَ والأحَدَ زال الإفرادُ المَكروهُ وحَصَلت المُخالَفةُ بصَومِ يَومِ فِطرِهم (٣).


(١) رواه أحمد (٢٦٧٩٣)، وابن حبان في «صحيحه» (٣٦٤٦).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه الترمذي (٧٤٦).
(٣) «اقتضاء الصراط المستقيم» ص (٢٦٣، ٢٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>