يَعُمُّ صَومُه على كلِّ وَجهٍ وإلا لو أُريدَ إفرادُه لَما دخَل الصَّومُ المَفروضُ لِيُستَثْنى؛ فإنَّه لا إفرادَ فيه، فاستِثناؤُه دَليلٌ على دُخولِ غَيرِه بخِلافِ يَومِ الجُمعةِ؛ فإنَّه بيَّن أنَّه إنَّما نَهى عن إفرادِه.
وعلى هذا يَكونُ الحَديثُ إمَّا شاذًّا غَيرَ مَحفوظٍ وإمَّا مَنسوخًا، وهذه طَريقةُ قُدماءِ أصحابِ أحمدَ الذين صَحِبوه كالأثرَمِ وأبي داودَ.
وقال أبو داودَ: حَديثٌ مَنسوخٌ، وذكَر أبو داودَ بإسنادِه عن ابنِ شِهابٍ أنَّه كان إذا ذُكِر له أنَّه نَهى ﷺ عن صيامِ السَّبتِ يَقولُ ابنُ شِهابٍ: هذا حَديثٌ حِمصيٌّ، وعن الأوزاعيِّ قال: ما زِلتُ له كاتِمًا حتى رأيتُه انتشَر بعدُ، يَعني حَديثَ ابنِ بُسرٍ في صَومِ يَومِ السَّبتِ.
قال أبو داودَ: قال مالِكٌ: هذا كَذِبٌ، وأكثَرُ أهلِ العِلمِ على عَدمِ الكَراهةِ.
وأمَّا أكثَرُ أصحابِنا ففَهِموا من كَلامِ أحمدَ الأخْذَ بالحَديثِ، وحَملَه على الإفرادِ؛ فإنَّه سُئِل عن عَينِ الحُكمِ فأجابَ بالحَديثِ وجَوابُه بالحَديثِ يَقتَضي اتِّباعَه، وما ذُكِر عن يَحيى إنَّما هو بَيانُ ما وقَع فيه من الشُّبهةِ، وهؤلاء يَكرَهون إفرادَه بالصَّومِ عَملًا بهذا الحَديثِ بجَودةِ إسنادِه وذلك مُوجِبٌ لِلعَملِ به وحَمَلوه على الإفرادِ كصَومِ يَومِ الجُمعةِ وشَهرِ رَجَبٍ.
وقد رَوى أحمدُ في المُسندِ من حَديثِ ابنِ لَهيعةَ: حَدَّثنا مُوسى بنُ وَردانَ عن عُبَيدٍ الأعرَجِ حَدَّثَتْني جَدَّتي، يَعني الصَّمَّاءَ، أنَّها دخَلت على رَسولِ اللهِ ﷺ يَومَ السَّبتِ وهو يَتغَدَّى، فقال تَعالَيْ تَغَدَّيْ،