قال الشافِعيُّ والأصحابُ: يُكرَهُ لِلصائِمِ العِلكُ؛ لأنَّه يَجمَعُ الرِّيقَ ويُورِثُ العَطشَ والقَيءَ، ورَوى البَيهَقيُّ بإسنادِه عن أُمِّ حَبيبةَ زَوجِ النَّبيِّ ﷺ أنَّها قالت: لا يَمضَغُ العِلكَ الصائِمُ، ولَفظُ الشافِعيِّ في مُختصَرِ المُزنيِّ (وأكرَهُ العِلكَ؛ لأنَّه يَحلِبُ الفَمَ) قال صاحِبُ الحاوي: رُوِيتْ هذه اللَّفظةُ بالجيمِ وبالحاءِ، فمَن قال بالجيمِ فمَعناه: يَجمَعُ الرِّيقَ فرُبَّما ابتلَعه، وذلك يُبطِلُ الصَّومَ في أحَدِ الوَجهَيْن ومَكروهٌ في الآخَرِ، قال: وقد قيلَ: معناه: يُطيِّبُ الفَمَ ويُزيلُ الخُلوفَ، قال: ومَن قاله بالحاءِ فمَعناه يَمتَصُّ الرِّيقَ ويُجهِدُ الصائِمَ فيُورِثُ العَطشَ.
قال أصحابُنا: ولا يُفطِرُ بمُجرَّدِ العِلكِ، ولا بنُزولِ الرِّيقِ منه إلى جَوفِه؛ فإنْ تَفتَّت فوصَل من جِرمِه شَيءٌ إلى جَوفِه عَمدًا أفطَر، وإنْ شَكَّ في ذلك لم يُفطِرْ، ولو نزَل طَعمُه في جَوفِه أو رِيحُه دونَ جِرمِه لم يُفطِرْ؛ لأنَّ ذلك الطَّعمَ بمُجاوَرةِ الرِّيقِ له، هذا هو المَذهبُ وبه قطَع الجُمهورُ، وحَكى الدارِميُّ وَجهًا عن ابنِ القَطَّانِ أنَّه إنِ ابتلَع الرِّيقَ وفيه طَعمُه أفطَر وليس بشَيءٍ (١).
وقال ابنُ قُدامةَ ﵀: ويُكرَهُ مَضغُ العِلكِ القَويِّ الذي لا يَتحلَّلُ منه شَيءٌ فأمَّا ما يَتحلَّلُ منه أجزاءٌ يَجِدُ طَعمَها في حَلقِه فلا يَحِلُّ مَضغُه إلا أنْ يَكونَ لا يَبلَعُ ريقَه؛ فإنْ بلَعه فوجَد طَعمَه في حَلقِه أفطَرَه، وإنْ وجَد طَعمَ ما لا يَتحلَّلُ منه شَيءٌ في حَلقِه ففيه وَجهان: