للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلتُ: مُقتَضى قَولِه: ولها أنْ تَمتنِعَ لُزومُ الكَفَّارةِ عليها أيضًا، لو فَعلت مُختارةً يَكونُ ما قبلَه مَحمولًا على ما إذا كان بغَيرِ اختيارِها، بدَليلِ التَّعليلِ، واللهُ أعلَمُ (١).

وقال الحَطَّابُ في «مَواهِبِ الجَليلِ»: يَقعُ السُّؤالُ في زَمانِنا إذا وقَع الصِّيامُ في زَمانِ الصَّيفِ فهل يَجوزُ لِلأجيرِ الخُروجُ لِلحَصادِ مع الضَّرورةِ لِلفِطرِ أو لا، وكانت الفُتيا عندَنا إنْ كان مُحتاجًا لِصَنعَتِه لِمَعاشِه ما له منها بُدٌّ فله ذلك وإلا كُرِه، وأمَّا مالِكُ الزَّرعِ فلا خِلافَ في جَوازِ جَمعِه زَرعَه وإنْ أدَّى إلى فِطرِه، وإلا وقَع في النَّهيِ عن إضاعةِ المالِ.

وكذا غَزلُ النِّساءِ الكَتَّانَ وتَرقيقُ الخَيطِ بأفواهِهِنَّ؛ فإنْ كان الكَتَّانُ مِصريًّا فجائِزٌ مُطلَقًا، وإنْ كان دَمَنِيًّا له طَعمٌ يَتحلَّلُ فهي كذوي الصِّناعاتِ إنْ كانت ضَعيفةً ساغَ لها ذلك، وإنْ كانت غَيرَ مُحتاجةٍ كُرِه لها ذلك في نَهارِ رَمضانَ (٢).

وقال أبو بَكرٍ الآجُريُّ من الحَنابِلةِ: مَنْ صَنعَتُه شاقَّةٌ؛ فإنْ خافَ بالصَّومِ تَلفًا أفطَر وقَضى إنْ ضَرَّه تَركُ الصَّنعةِ؛ فإنْ لم يَضُرَّه تَركُها -أي: تَركُ الصَّنعةِ- أثِمَ بالفِطرِ ويَترُكُها، وإنْ لم يَنتَفِ التَّضرُّرُ بتَركِها فلا إثْمَ عليه بالفِطرِ لِلعُذرِ، قال: هذا قَولُ الفُقهاءِ (٣).


(١) «رد المحتار» (٢/ ١١٤، ١١٥)، وانظر: «الفتاوى الهندية» (١/ ٢٠٨).
(٢) «مواهب الجليل» (٢/ ٤٤١).
(٣) «الفروع» (٤/ ٤٥٨)، و «كشاف القناع» (٢/ ٣١٠)، وانظر: «المغني» (٤/ ٢٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>