للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: السُّنةُ:

أ - عَنْ ابنِ عَباسٍ : أنَّ النَّبيَّ بعَثَ مُعاذًا إلى اليَمنِ، فقالَ: «ادعُهم إلى شَهادةِ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنِّي رَسولُ اللهِ، فإنْ هم أَطاعُوا لذلك، فأَعلِمْهم أنَّ اللهَ قد افْتَرضَ علَيهم خَمسَ صَلَواتٍ فِي كلِّ يَومٍ ولَيلَةٍ، فإِنْ هم أَطاعُوا لذلك، فأَعلِمْهم أنَّ اللهَ افتَرضَ علَيهم صَدقةً في أَموالِهم تُؤخذُ مِنْ أغْنِيائِهم وتُردُّ على فُقرائِهم» (١).

فهذا دَليلٌ على أنَّه لا يَجبُ استِيعابُ الأَصنافِ الثَّمانيةِ بالزَّكاةِ، وجَوازِ الاقتِصارِ على صِنفٍ واحِدٍ، وذلك لِما اشتَملَ عليه من قَولِه : «تُؤخذُ مِنْ أَغنِيائِهم وتُردُّ على فُقرائِهم» فنَصَّ على صِنفٍ واحِدٍ وهُم الفُقراءُ، فدَلَّ ذلك على جَوازِ صَرفِ الصَّدقةِ إليهم وهُم صِنفٌ واحِدٌ.

ب- عَنْ قَبيصَةَ بنِ مُخارِقٍ الهِلالِيِّ قالَ: تَحمَّلتُ حَمالَةً، فأتَيتُ رَسولَ اللهِ أَسأَلُه فيها، فقالَ: «أَقمْ حتى تأْتِيَنا الصَّدقةُ، فنَأمُرَ لكَ بها … » الحَديثَ (٢).

وهذا الحَديثُ أيضًا يَدلُّ على جَوازِ الاقتِصارِ في دَفعِ الصَّدقةِ على صِنفٍ واحِدٍ، وذلك لقَولِه : «أَقمْ حتى تَأتِيَنا الصَّدقةُ، فنَأْمرَ لكَ بها»، فأخبَرَ أنَّه سيَأمرُ لقَبيصةَ بالصَّدقةِ إذا أتَتْ، وقَبيصةُ شَخصٌ واحِدٌ، فإذا جازَ دَفعُ الصَّدقةِ لشَخصٍ واحِدٍ، فإنَّه يَدلُّ على عَدمِ وُجوبِ استِيعابِ الأَصنافِ الثَّمانيةِ.


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تَقدَّم.
(٢) رواه مسلم (١٠٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>