للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِنطارٌ في ثَمرِه وفاكِهَتِه، فهل يَتحتَّمُ أنْ يُخرِجَ هذه الأشياءَ عَينَها، أو يُخيَّرُ بينَها وبينَ أداءِ قيمَتِها بالنُّقودِ مَثلًا، فإذا أخرَجَ القيمةَ أَجزأتْه وصَحَّت زَكاتُه؟

اختَلفَ في ذلك الفُقهاءُ على أَقوالٍ: فمنهم مَنْ يَمنَعُ ذلك مُطلَقًا، وهُم الشافِعيةُ والظاهِريَّةُ، ومنهم مَنْ يُجيزُ ذلك مُطلَقًا، وهُم الحَنفيةُ والثَّوريُّ والبُخاريُّ، ومنهم مَنْ يُجيزُونها في بعضِ الصُّورِ دونَ بعضٍ وهُم المالِكيةُ والحَنابِلةُ، هذا في الزَّكواتِ عُمومًا.

أمَّا في زَكاةِ الفِطرِ فقد اختلَفوا فيها على ثَلاثةِ أَقوالٍ (١):

القَولُ الأولُ: وهو أنَّه يَجوزُ دَفعُ القيمةِ نَقدًا في زَكاةِ الفِطرِ مُطلَقًا، وهو مَذهبُ الحَنفيةِ (٢) وسُفيانَ الثَّوريِّ والحَسنِ البَصريِّ وعمرَ بنِ عبدِ العَزيزِ والبُخاريِّ (٣).


(١) نظرًا لأنَّ هذه مَسألةٌ طَويلةٌ ومُهمَّةٌ لِلغايةِ ومُتشعِّبةٌ أحبَبتُ أن أُخالِف مَنهَجي في البَحثِ وأنْ أذكُرَ الأقوالَ الثَّلاثةَ في البِدايةِ ثم أذكُرَ القَولَ الأولَ وأدِلَّتَه والرَّدَّ والمُناقَشةَ على كلِّ دَليلٍ ثم القَولَ الثاني هكذا حتى يُلِمَّ القارِئُ بالمَسألةِ ولا تَتشعَّبَ منه أدِلَّتُها ولا الرَّدُّ عليها.
(٢) وقد اختَلفَ الحَنفيَّةُ هل الأفضَلُ إخراجُ القيمةِ أو المَنصوصِ عليه؟ قال في «الجَوهَرةِ النَّيِّرةِ» (٢/ ٩): فإنْ قُلتَ: فما الأفضلُ إخراجُ القيمةِ أو عَينِ المَنصوصِ؟ قُلتُ: ذكَر في الفَتاوى أنَّ أداءَ القيمةِ أفضَلُ، وعليه الفتوى؛ لأنَّه أدفَعُ لِحاجةِ الفَقيرِ، وقيلَ: المَنصوصُ أفضَلُ؛ لأنَّه أبعَدُ من الخِلافِ.
(٣) «المبسوط» للسرخسي (٢/ ١٥٦، ١٥٧)، (٣/ ١٠٧)، و «بدائع الصنائع» (٢/ ٧٣)، و «أحكام القرآن» للجصاص (٤/ ١٢٠)، و «شرح فتح القدير» (٢/ ١٩٣)، و «الجوهر النقي» لابن التركماني (٤/ ١١٣)، و «المجموع» (٥/ ٣٨٤)، و «المغني» (٤/ ٤٣)، و «عمدة القاري» (٩/ ٤)، و «فتح الباري» لابن حجر العسقلاني (٣/ ٣١٢)، «بداية المجتهد» (١/ ١٩٦)، و «الإفصاح» (١/ ٣٥٠، ٣٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>