للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قَولُه: فاضِلًا عن مَسكنِه وثيابِه وفَرسِه وسِلاحِه وعَبيدِه للخِدمةِ)؛ لأنَّ هذه الأشياءَ مُستحَقةٌ بالحَوائجِ الأصليَّةِ، ولأنَّ المُستحَقَّ بها كالمَعدومِ، وكذا كُتبُ العِلمِ إنْ كانَ من أهلِه، ويُعفَى له في كُتبِ الفِقهِ عن نُسخةٍ من كلٍّ مُصنَّفٍ لا غَيرُ، وفي الرَّأيِ الحَديثِ عن نُسخَتينِ، ولوكانَ له دارٌ واحِدةٌ يَسكنُها ويَفضلُ على سُكناه منها ما يُساوي نِصابًا وجَبَت عليه الفِطرةُ، وكذا في الثِّيابِ والأَثاثِ (١).

استدَلَّ الحَنفيةُ على قَولِهم هذا بالسُّنةِ والمَعقولِ:

أولًا: السُّنةُ:

عن أبي هُريرةَ قالَ: قال رَسولُ اللهِ : «لَا صَدقةَ إلَّا عَنْ ظَهرِ غنًى (٢)، واليدُ العُليا (٣) خَيرٌ مِنْ اليدِ السُّفلَى (٤)، وابدَأْ بمَن تَعولُ» (٥).


(١) «الجوهرة النيرة» (٢/ ٣، ٤).
(٢) ظَهْرِ غِنًى: أي: ما كان عَفوًا قد فضَل عن غِنًى، وقيل: أراد ما فضَل عن العيالِ والظَّهرُ قد يُزادُ في مِثلِ هذا إشباعًا لِلكَلامِ وتَمكينًا، كأنَّ صَدقتَه إلى ظَهرٍ قَويٍّ من المالِ. انظر: «النهاية في غريب الحديث»، و «الأثر» لابن الأثير (٣/ ١٦٥) مادة «ظهر»، و «لسان العرب» (٤/ ٥٢١)، و «تاج العرس» (١٢/ ٤٩٦).
(٣) اليدُ العُليا: المُتعفِّفةُ، وقِيل: المُعطِيةُ. «النهاية» (٣/ ٢٩٤)، و «لسان العرب» (١٥/ ٨٦).
(٤) اليدُ السُّفلي: السَّائِلةُ، وقِيل: الآخِذةُ، وقِيل: المَانِعةُ. المَصادِر السَّابقَة.
(٥) رواه الإمام أحمد (٧١٥٥) بهذا اللفظ، والبخاري في «صحيحه» (٢/ ٥١٨) باب لا صدقة إلا عن ظهر غني ح (١٣٦٠) (١٣٦١) بلفظ: «خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى»، ومسلم في «صحيحه» (٢٣) بابُ بيانِ أن اليدَ العُليا خيرٌ من اليدِ السُّفلى، وأن اليدَ العُليا هي المُنفِقةُ، وأن اليدَ السُّفلى هي الآخِذةُ (٢/ ٧١٧) ح (١٠٣٤) بلفظ: «أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ أو خَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ».

<<  <  ج: ص:  >  >>