للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي فَتاوى شَيخِ الإِسلامِ ابنِ تَيميَّةَ أنَّه سُئلَ: هل يُجزِئُ الرَّجلَ عن زَكاتِه ما يُغرِّمُه وُلاةُ الأُمورِ في الطُّرقاتِ أو لا؟

فأجابَ: ما يَأخذُه وُلاةُ الأُمورِ بغيرِ اسمِ الزَّكاةِ لا يُعتَدُّ به من الزَّكاةِ (١) (٢).


= ونُقلَ عنه حَربٌ في أرضِ صُلحٍ يَأخذُ السُّلطانُ منها نِصفَ الغَلةِ ليسَ له ذلك، قيلَ له: فيُزكِّي المالِكُ عما بقِيَ في يَدِه. قالَ: يُجزِئُ ما أخَذَه السُّلطانُ عن الزَّكاةِ، يَعني: إذا نَوى به المالِكَ، وقالَ ابنُ عَقيلٍ وغيرُه: إنْ زادَ في الخَرصِ هل يُحتسَبُ بالزِّيادةِ من الزَّكاةِ؟ فيه رِوايتانِ، قالَ: وحمَلَ القاضِي المَسألةَ أنَّه يُحتَسبُ بنيَّةِ المالِكِ وقتَ الأخْذِ، وإلا لم يُجزِئْه، وقالَ شَيخُنا: ما أخَذه باسمِ الزَّكاةِ ولو فوقَ الواجِبِ بلا تَأويلٍ اعتُدَّ به، وإلا فلا، وفي «الرِّعاية» يُعتَدُّ بما أخَذَ وعنه بوَجهٍ سائِغٍ، وعنه: لا، وكذا ذكَرَ ابنُ تَميمٍ في آخِرِ فَصلِ شِراءِ الذِّميِّ لِأرضٍ عَشريَّةٍ، وقدَّمَ لا يُعتَدُّ به.
(١) «مجموع الفتاوى» (٢٥/ ٩٣)، وانظرْ: «تفسير المنار» للشَّيخِ سيد رشيد رضا/ (٧/ ٥٧٩).
(٢) وقد جاءَ في قَرارِ مَجمَعِ البُحوثِ الإسلاميةِ -بشأنِ الزَّكاةِ والضَّريبةِ في المُؤتَمرِ الثاني سنة ١٣٨٥ هـ - ١٩٦٥ م أن ما يُفرَضُ من الضَّرائبِ لمَصلَحةِ الدَّولةِ لا يُغني القيامُ به عن أداءِ الزَّكاةِ المَفروضةِ.
تَعقيبٌ: قرَّرَ المَجمَعُ في دَورتِه الأُولى سنةَ ١٣٨٣ هـ -١٩٦٤ م ما يَلي: « … أنَّ لِأولياءِ الأُمورِ أنْ يَفرِضوا من الضَّرائبِ على الأَموالِ الخاصَّةِ ما يَفي بتَحقيقِ المَصالِحِ العامَّةِ، وأنَّ المالَ الطَّيبَ الذي أدَّى ما عليه من الحُقوقِ المَشروعةِ إذا احتاجَت المَصلَحةُ العامَّةُ إلى شَيءٍ منه أُخذَ من صاحِبِه نَظيرَ قيمَتِه يَومَ أخْذِه. وأنَّ تَقديرَ المَصلَحةِ وما تَقتَضيه هو مِنْ حقِّ أَولياءِ الأمرِ، وعلى المُسلِمينَ أنْ يُسْدُوا إليهم النَّصيحةَ إنْ رَأوْا في تَقديرِهم غَيرَ ما يَرونَ».
هذا هو القَرارُ الأولُ، ثم كانَ القرارُ الثاني بأنَّ الضَّرائبَ لا تُغني عن الزَّكاةِ، والفَرقُ بينَ الاثنَينِ واضِحٌ جلِيٌّ، فالزَّكاةُ عِبادةٌ لا بدَّ فيها من النِّيةِ، والذي فرَضَها اللهُ ﷿ في كِتابِه =

<<  <  ج: ص:  >  >>