القَولُ الأولُ: وهو مَذهبُ الحَنفيةِ أنَّ الماءَ إنْ كانَ بحالٍ يَخلُصُ بَعضُه إلى بَعضٍ، أي: يَتمازجُ الماءُ بَعضُه ببَعضٍ فهو قَليلٌ، وإنْ كانَ لا يَخلُصُ فهو كَثيرٌ.
فكلُّ ما لا يَخلُصُ بَعضُه إلى بَعضٍ فهو كَثيرٌ لا يُنجَّسُ بوُقوعِ النَّجاسةِ فيه، أي: لا يَتحركُ أحَدُ طَرفَيه بتَحرُّكِ الطَّرفِ الآخَرِ، وما يَخلُصُ بَعضُه إلى بَعضٍ فهو قَليلٌ يُنجَّسُ بوُقوعِ النَّجاسةِ فيه.
وحَدُّه بالمِساحةِ عَشرةُ أذرُعٍ في عَشرةِ أذرُعٍ؛ فإنْ كان دونَها فيُنجَّسُ وإنْ لم يَظهرْ أثَرُ النَّجاسةِ فيه، أو جاريًا وظهَرَ فيه أثَرُها.
والأثَرُ: طَعمٌ أو لَونٌ أو رِيحٌ؛ لأنَّها لا تَبقى مع الجَريانِ.
ولا بدَّ أنْ يَكونَ عُمقُه بحالٍ لا تَنكشِفُ أرضُه بالغَرفِ منه.
إلا أنَّ الحَنفيةَ اختَلَفوا في تَفسيرِ الخُلوصِ.
قالَ الكاسانِيُّ: اختَلَفوا في تَفسيرِ الخُلوصِ فاتَّفقَت الرِّواياتُ عن أَصحابِنا أنَّه يُعتبَرُ الخُلوصُ بالتَّحريكِ، وهو أنَّه إنْ كانَ بحالٍ لو حُركَ طَرفٌ منه يَتحركُ الطَّرفُ الآخَرُ فهو مما يَخلُصُ.
وإنَّما اختَلَفوا في جِهةِ التَّحريكِ، فرَوى أبو يُوسفَ عن أبي حَنيفةَ أنَّه يُعتبَرُ التَّحريكُ بالاغتِسالِ من غيرِ عُنفٍ، ورَوى مُحمدٌ عنه أنَّه يُعتبَرُ التَّحريكُ بالوُضوءِ، وفي رِوايةٍ باليَدِ من غيرِ اغتِسالٍ ولا وُضوءٍ.
أمَّا الغَديرُ العَظيمُ الذي لو حُركَ طَرفٌ منه لا يَتحركُ الطَّرفُ الآخَرُ إذا