للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القِسمُ الثالِثُ: حُكمُ الماءِ الذي خالَطَه طاهِرٌ يُمكنُ الاحتِرازُ عنه:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الماءِ الذي خالَطَه طاهِرٌ يُمكنُ الاحتِرازُ عنه، كزَعفرانٍ والصابونِ ونَحوِهما فتَغيَّرَ به أحدُ أَوصافِه، طَعمُه أو لَونُه أو رِيحُه، هل هو طاهِرٌ مُطهِّرٌ يَصحُّ التَّطهُّرُ به أو هو طاهِرٌ في نَفسِه غيرُ مُطهِّرٍ لغيرِه فلا يَرفعُ حَدثًا ولا يُزيلُ نَجسًا؟ على قَولَينِ:

القَولُ الأولُ: ذهَبَ الحَنفيةُ وأحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّه طاهِرٌ مُطهِّرٌ.

قال شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ : وهذا القَولُ هو الصَّوابُ (١).

واستدَلُّوا على ذلك بقَولِه تَعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾ [النساء: ٤٣].

وهذا عامٌّ في كلِّ ماءٍ؛ لأنَّه نَكرةٌ في سياقِ النَّفيِ، والنَّكرةُ في سياقِ النَّفيِ تَعمُّ؛ فلا يَجوزُ التَّيممُ مع وُجودِه (٢).

وبقَولِ النَّبيِّ في الرَّجلِ الذي وقَصَته ناقَتُه فماتَ: «اغسِلُوه بمَاءٍ وسِدْرٍ» (٣)، فلولا أنَّه طهَورٌ لمَا أمرَه أنْ يَغتسلَ بذلك؛ لأنَّ غُسلَ المَيِّتِ لا يَجوزُ إلا بما يَجوزُ به الوُضوءُ، ولأنَّه طَهورٌ خالَطَه طاهِرٌ لم يَسلُبْه اسمَ الماءِ ولا رِقتَه ولا جَريانَه، فأشبَهَ المُتغيِّرَ بالدُّهنِ (٤).


(١) «مجموع الفتاوى» (٢١/ ٢٥).
(٢) «المغني» (١/ ٣٦).
(٣) رواه البخاري (١٢٠٦)، ومسلم (١٢٠٦).
(٤) «تبين الحقائق» (١/ ٢١)، و «البحر الرائق» (١/ ٧١)، و «حاشية الطحطاوي» (١/ ١٨)، و «شرح فيض القدير» (١/ ٧٢)، و «المغني» (١/ ٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>