للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾ [الأعراف: ١٢٨]. فوجَبَ بنَحوِ هذا الظاهِرِ أنْ يَكونَ ما في جَوفِ الأرضِ من المَعادِنِ فَيئًا لجَميعِ المسلِمينَ بمَنزِلةِ ما لم يُوجَفْ عليه بخَيلٍ ولا رِكابٍ (١).

وقالَ المالِكيةُ في قَولٍ آخَرَ: إنَّها تَتبَعُ لِلأرضِ التي هي فيها، فإنْ كانَت في أرضٍ حُرَّةٍ أو في أرضِ العَنوةِ أو في الفَيافي التي هي غيرُ مُمتلَكةٍ كانَ أمرُها إلى الإمامِ يُقطِعُها لمَن يَعمَلُ فيها، أو يُعامِلُ الناسَ على العَملِ فيها لجَماعةِ المسلِمينَ على ما يَجوزُ له، ويَأخذُ منها الزَّكاةَ على كلِّ حالٍ.

وإنْ كانَت في أرضٍ مُمتلَكةٍ فهي مِلكٌ لِصاحبِ الأرضِ يَعمَلُ فيها ما يَعمَلُ ذو الِملكِ في مِلكِه.

وإنْ كانَت في أرضِ الصُّلحِ كانَ أهلُ الصُّلحِ أحَقَّ بها، إلا أنْ يُسلِموا فتَكونَ لهم. هذا ما قالَه سحنُونٌ، ومِثلُه لمالِكٍ في كِتابِ ابنِ المَوازِ؛ لأنَّه لمَّا كانَ الذَّهبُ والفِضةُ ثابتَينِ في الأرضِ كانا لِصاحِبِ الأرضِ بمَنزِلةِ ما نبَتَ فيها من الحَشيشِ والشَّجرِ (٢).

وقالَ الشافِعيةُ: المَعدِنُ نَوعانِ: ظاهِرٌ وباطِنٌ، فالظاهِرُ هو ما خرَجَ، أي: برَز جَوهَرُه بلا عِلاجٍ، أي عَملٍ، وإنَّما العَملُ والسَّعيُ في تَحصيلِه، وقد يَسهُلُ، وقد لا يَسهُلُ، كنِفطٍ، وكِبريتٍ، وقارٍ، وبِرامٍ (٣)، وأَحجارِ رَحًى،


(١) «التاج والإكليل» (٢/ ٣٣٤)، و «المقدمات» لابن رشد (١/ ٢٢٤، ٢٢٦)، و «حاشية الدسوقي» (١/ ٤٨٧)، و «مختصر خليل» (١/ ٦٣)، و «الشرح الصغير» (١/ ٤٢١).
(٢) «المقدمات» لابن رشد (١/ ٢٢٥)، و «بلغة السالك على الشرح الصغير» (١/ ٤٢١).
(٣) بكَسرِ المُوحدةِ جمعُ برمة بضَمِّها حَجرٌ يُعملُ منه القِدرُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>