للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظاهِرِ يَنصُرونَ المُسلِمينَ على أَعدائِهم وإنْ كانوا من وَجهٍ آخَرَ يَفعَلونَ خِلافَ ذلك، فالمِيراثُ مَبناه على الأُمورِ الظاهِرةِ لا على ما في القُلوبِ.

وأمَّا المُرتدُّ فالمَعروفُ عن الصَّحابةِ مِثلُ علِيٍّ وابنِ مَسعودٍ أنَّ مالَه لوَرثتِه من المُسلِمينَ أيضًا، ولم يُدخِلوه في قَولِه : «لا يَرثُ المُسلمُ الكافرَ» وهذا هو الصَّحيحُ.

وأمَّا أهلُ الذِّمةِ فمَن قالَ بقَولِ مُعاذٍ ومُعاويةَ ومَن وافَقَهما يَقولُ بقَولِ النَّبيِّ : «لا يَرثُ المُسلمُ الكافِرَ» المُرادُ به الحَربيُّ لا المُنافِقُ ولا المُرتدُّ ولا الذِّميُّ؛ فإنَّ لَفظَ الكافِرِ -وإنْ كانَ قد يَعمُّ كلَّ كافِرٍ- قد يأتِي والمُرادُ به بعضُ أَنواعِ الكُفارِ؛ كقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا﴾ [النساء: ١٤٠] فهنا لم يَدخُلِ المُنافِقونَ في لَفظِ الكافِرينَ، وكذلك المُرتدُّ فالفُقهاءُ لا يُدخِلونَه في لَفظِ الكافرِ عندَ الإِطلاقِ، ولهذا يَقولونَ: إذا أسلَمَ الكافرُ لم يَقضِ ما فاتَه من الصَّلاةِ، وإذا أسلَمَ المُرتدُّ ففيه قَولانِ.

وقد حمَلَ طائِفةٌ من العُلماءِ قَولَ النَّبيِّ : «لا يُقتلُ مُسلمٌ بكافِرٍ» (١) على الحَربيِّ دونَ الذِّميِّ، ولا رَيبَ أنَّ حَملَ قَولِه: «لا يَرثُ المُسلمُ الكافِرَ» على الحَربيِّ أَولى وأقرَبُ مَحمَلًا؛ فإنَّ في تَوريثِ المُسلِمينَ منهم تَرغيبًا في الإِسلامِ لمَن أَرادَ الدُّخولَ فيه من أهلِ الذِّمةِ؛ فإنَّ


(١) أخرجه البخاري في «صحيحه» (٦/ ٢٥٣١) ح (٦٥٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>