للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُصرفُ ذلك في مَصالحِ المُسلِمينَ؛ لأنَّهم يَعقِلونَ عن المَيتِ كالعَصبةِ من القَرابةِ، فيَضعُ الإِمامُ تَركتَه أو باقيَها في بَيتِ المالِ أو يَخصُّ منها مَنْ يَشاءُ.

وعن عَوسَجةَ عن ابنِ عَباسٍ «أنَّ رَجلًا ماتَ على عَهدِ رَسولِ اللهِ ولم يَدَعْ وارِثًا إلا عَبدًا هو أعتَقَه فأَعطاه النَّبيُّ مِيراثَه» (١).

قالَ الإِمامُ التِّرمذيُّ : والعَملُ عندَ أهلِ العِلمِ في هذا البابِ: إذا ماتَ الرَّجلُ ولم يَتركْ عَصبةً فمِيراثُه يُجعلُ في بَيتِ مالِ المُسلِمينَ (٢).

فعلى هذا يُدفعُ جَميعُ المالِ إلى بَيتِ مالِ المُسلِمينَ إذا لم يَكنْ وارِثٌ.

واختَلفَ الفُقهاءُ في الفاضِلِ بعدَ فُروضِ ذَوي السِّهامِ هل يَكونُ لبَيتِ المالِ إذا لم تَكُنْ عَصبةٌ؟ أو يُردُّ على ذَوي السِّهامِ بقَدرِ سِهامِهم؟ بعدَ اتِّفاقِ الجَميعِ على أنَّه لا يُردُّ على أحدِ الزَّوجَينِ شَيءٌ؛ لأنَّ فَرضَهما بالسَّببِ لا بالنَّسبِ فهو ضَعيفٌ؛ لأنَّهما استحَقَّاه بعدَ انقِطاعِ السَّببِ الذي يَستحِقانِ به فلا يُزادانِ على فَرضِهما بخِلافِ مَنْ يَرثُ بالنَّسبِ؛ لأنَّ النَّسبَ باقٍ بعدَ المَوتِ فقَويَ حالُهم في الاستِحقاقِ فكانوا أَولى بالفاضِلِ.

أو نَقولُ: إنَّ الزَّوجَينِ يَستحِقانِ بسَببٍ واحِدٍ وهو النِّكاحُ، فإذا استحَقَّا به لم يَكنْ لهما سَببٌ غيرُ ذلك يَستحِقانِ به وأهلُ النَّسبِ يَستحِقُّونَ بالنَّسبِ وهو البُنوةُ في البِنتِ والأُخوَّةُ في الأُختِ، والباقي بالرَّحمِ.


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه أَبو داود (٢٩٠٥)، والترمذي (٢١٠٦)، وابن ماجه (٢٧٤١)، وأَحمد (١/ ٣٥٨).
(٢) «سنن الترمذي» (٤/ ٤٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>