للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالظاهِرُ قَولُ السَّماعِ وسيَأتي تَفسيرُ هذا الحَديثِ في أَثناءِ المَسائلِ إنْ شاءَ اللهُ تَعالى.

وأمَّا الإِجماعُ؛ فإنَّ الأُمةَ أجمَعَت على ثُبوتِ هذا الوَلاءِ.

وأمَّا المَعقولُ فمِن وُجوهٍ:

أَحدُها: أنَّ الإِعتاقَ إِنعامٌ، فالمُعتِقُ أنعَمَ على المُعتَقِ بإِيصالِه إلى شَرفِ الحُريةِ، ولهذا سمَّى المَولَى الأسفَلَ مَولَى النِّعمةِ في عُرفِ الشَّرعِ، وكذا سمَّاه اللهُ تَعالى إِنعامًا، فقالَ ﷿ في زَيدٍ مَولَى رَسولِ اللهِ : ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ﴾ [الأحزاب: ٣٧]، قيلَ في التَّفسيرِ: أنعَمَ اللهُ عليه بالإِسلامِ، وأنعَمتَ عليه بالإِعتاقِ، فجعَلَ كَسبَه عندَ استِغنائِه عنه لمَولاه شُكرًا لإِنعامِه السابِقِ، ولهذا لا يَرثُ المُعتَقُ من المُعتِقِ.

والثاني: أنَّ المُعتَقَ في نُصرةِ المُعتِقِ حالَ حَياتِه، ولهذا كانَ عَقلُه عليه، وعليه أنْ يَنصُرَه بدَفعِ الظُّلمِ عنه وبكَفِّه عن الظُّلمِ على غيرِه، فإذا جَنى فقد قصَّرَ في أحدِ نَوعَيِ النُّصرةِ وهو كَفُّه عن الظُّلمِ على غيرِه فجعَلَ عَقلَه عليه ضَمانًا للتَّقصيرِ، فإذا ماتَ جُعلَ وَلاؤُه لمُعتِقِه جَزاءً للنُّصرةِ السابِقةِ.

والثالِثُ: أنَّ الإِعتاقَ كالإِيلادِ من حيثُ المَعنى؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ منهما إِحياءُ مَعنًى؛ فإنَّ المُعتِقَ سَببٌ لحَياةِ المُعتَقِ باكتِسابِ سَببِ الأَهليةِ والمالِكيةِ والوِلايةِ التي يَمتازُ بها الآدَميُّ عن البَهائمِ كما أنَّ الأَبَ سَببُ حَياةِ الوَلدِ باكتِسابِ سَببِ وُجودِه عادةً وهو الإِيلادُ ثم الإِيلادُ سَببٌ لثُبوتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>