للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أنَّهم اختلَفوا فيما لو قالَ له: «أنت وَصيِّي» فقط، ولم يَذكُرْ شَيئًا آخَرَ، أو لم يُبيِّنْ ما يُوصي فيه، هل يَصحُّ الإِيصاءُ أو يَصحُّ في أُمورٍ مُحدَّدةٍ أو هو عامٌّ فيَشملُ جَميعَ الأُمورِ؟

قالَ الحَنفيةُ: إذا نصَّبَ القاضي وَصيًّا لليَتيمِ الذي لا أَبَ له كانَ وَصيُّ القاضي بمَنزلةِ وَصيِّ الأَبِ إذا جعَلَه القاضي وَصيًّا عامًّا في الأَنواعِ كلِّها، فإنْ جعَلَه وَصيًّا في نَوعٍ واحِدٍ كانَ وَصيًّا في ذلك النَّوعِ خاصَّةً، بخِلافِ وَصيِّ الأَبِ؛ فإنَّه لا يَقبلُ التَّخصيصَ، إذا أَوصَى إلى رَجلٍ في نَوعٍ وسكَتَ عن نَوعٍ فالوَصيُّ في نَوعٍ يَكونُ وَصيًّا في الأَنواعِ كلِّها؛ لأنَّه لو لم تَعمَّ وِصايتُه تَقعُ الحاجةُ إلى نَصبِ وَصيٍّ آخَرَ، فجَعْلُ مَنْ اختارَه المَيتُ وَصيًّا ببعضِ أُمورِه وَصيًّا في كلِّها أَولى من جَعلِ غيرِه وَصيًّا؛ لأنَّ المُوصيَ لم يَرضَ بتَصرفِ غيرِه في شَيءٍ من الأُمورِ، ورَضيَ بتَصرفِ هذا في بعضِ الأُمورِ؛ لأنَّه استَصلَحَه واستَصوَبَه في الوِصايةِ، فكَونُ هذا وَصيًّا على العُمومِ أَوْلى (١).

وقالَ المالِكيةُ: إذا أطلَقَ لَفظَ الوَصيةِ بأنْ قالَ: «اشهَدوا على أنَّ فُلانًا وَصيِّي» فقط ولم يُقيِّدْه بشَيءٍ، ولم يَزِدْ على هذا؛ فإنَّه يَعمُّ كلَّ شَيءٍ، ويَعُمُّ تَزويجَ بَناتِه البالِغاتِ بإِذنِهن، أي: ويُقدَّمُ على العاصِبِ كالأَخِ والعَمِّ، وكذا تَزويجُ الثَّيبِ بأمرِها، وكذا تَزويجُ الصَّغيرةِ بشُروطِها بأنْ يَخافَ عليها


(١) «البحر الرائق» (٨/ ٥٢١)، و «مجمع الضمانات» (٢/ ٨٤٩)، و «ابن عابدين» (٦/ ٧٠٠)، و «الفتاوى الهندية» (٦/ ١٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>