للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّه لو أَوصَى إلى واحِدٍ جازَ له التَّصرفُ وَحدَه ولو وَصَّى إلى اثنَين لم يَجُزْ للواحِدِ التَّصرفُ؟ (١)

وقالَ الزَّركَشيُّ: قالَ: وإذا كانَ الوَصيُّ خائِنًا جُعلَ معه أَمينٌ.

ش: هذه إِحدَى الرِّواياتِ عن أَحمدَ تَعالى؛ جَمعًا بينَ نَظرِ المُوصي وحِفظِ المالِ، (والثانيةُ) لا تَصحُّ الوَصيةُ إلى فاسِقٍ أَصلًا، وهي اختيارُ القاضي وعامَّةِ أَصحابِه الشَّريفِ وأَبي الخَطابِ في «خِلافَيهما» والشِّيرازيِّ وابنِ عَقيلٍ في «التَّذكرةِ» وابنِ البَنَّا؛ لأنَّه ليسَ بأهلٍ للشَّهادةِ، أشبَهَ المَجنونَ، (والرِّوايةُ الثالِثةُ) تَصحُّ الوَصيةُ إليه مُطلقًا ولا يَفتقِرُ إلى أَمينٍ، حَكاها أَبو الخَطابِ في «خِلافِه»؛ لأنَّه أهلٌ للائتِمانِ في الجُملةِ، بدَليلِ جَوازِ إِيداعِه، فلو طرَأَ فِسقُه بعدَ مَوتِ المُوصي فعندَ أَبي مُحمدٍ أنَّه على الرِّوايتَينِ في الوَصيةِ إليه ابتِداءً، ثم مُختارُ القاضي [أيضًا] وغيرِه البُطلانُ، وعندَ أَبي البَركاتِ أنَّه يُبدَلُ بأَمينٍ بلا نِزاعٍ؛ نَظرًا إلى أنَّ المُوصيَ في الابتِداءِ قد رَضيَه واختارَه، والظاهِرُ أنَّه إنَّما فعَلَ ذلك لمَعنًى رآه فيه، إمَّا لزِيادةِ حِفظِه أو إِحكامِ تَصرُّفِه ونَحوِ ذلك ممَّا يَربو على ما فيه من الخِيانةِ، بخِلافِ ما لو طرَأَ فِسقُه؛ فإنَّ حالَ المُوصي يَقتَضي أنَّه إنَّما رَضيَ بعَدلٍ ولا عَدلَ، وعَكسُ ذلك القاضي في رِوايَتَيه؛ فإنَّه حمَلَ رِوايةَ ضَمِّ الأَمينِ إليه على ما إذا طرَأَ الفِسقُ وقالَ: ولا يَختلِفُ المَذهبُ أنَّه لا يَصحُّ إليه ابتِداءً، فكأنَّه نظَرَ إلى الدَّوامِ يُغتفَرُ فيه ما لا يُغتفَرُ في الابتِداءِ (٢).


(١) «المغني» (٦/ ١٤٥).
(٢) «شرح الزركشي» (٢/ ٢٤٤، ٢٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>