للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّ الوَصيةَ من الإِحسانِ الصِّرفِ فلا ضَررَ في الجَهالةِ فيها، فاقتَضَت حِكمةُ الشَّرعِ وحَثُّه على الإِحسانِ التَّوسعةَ فيها بكلِّ طَريقٍ بالمَعلومِ والمَجهولِ؛ فإنَّ ذلك أيسَرُ لكَثرةِ وُقوعِه قَطعًا، وفي المَنعِ من ذلك وَسيلةٌ إلى تَقليلِه.

وكذا تَصحُّ الوَصيةُ بأحدِ الثَّوبَينِ؛ لأنَّها تَحتمِلُ الجَهالةَ فاحتمَلَت الإِبهامَ، والتَّعيينُ للمُبهمِ منهما واجِبٌ على الوارِثِ، ولو قالَ: أَوصَيتُ بهذه الألفِ مَثلًا لأحدِ هذَينِ الرَّجلَينِ لم تَصحَّ كسائِرِ التَّمليكاتِ، وقد يُحتمَلُ في المُوصَى به ما لا يُحتمَلُ في المُوصَى له (١).

قال السُّغديُّ: الوَصيةُ بالمَجهولِ: وأمَّا المَجهولُ فإنَّه على عَشرةِ أوجُهٍ:

أحدُها: أنْ يَقولَ: «أَعطُوا فُلانًا شيئًا من مالي أو جُزءًا أو بعضًا أو طائِفةً أو حَظًّا أو ما شِئتُم أو ما أحبَبتُم أو ما شاءَ الوَصيُّ أو ما أحَبَّ الوَصيُّ أو مِقدارًا» فإنَّ حُكمَ هذا كلِّه واحِدٌ، ويُعطونَه ما شاءَ من قَليلٍ أو كَثيرٍ.

ولو قالَ: «أَعطوه ثَوبًا من ثِيابي أو شاةً من شِياهي أو بَقرةً من بَقري أو


(١) «تحفة الفُقهاء» (٣/ ٢٠٩)، و «بدائع الصنائع» (٧/ ٣٥٤، ٣٥٥)، و «تبيين الحقائق» (٥/ ٩٤)، و «البحر الرائق» (٨/ ٥١٢)، و «الفروق» (١/ ٣٤٧، ٣٤٨)، و «حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني» (٢/ ٢٩٣)، و «المهذب» (١/ ٣٥٢)، و «التنبيه» (١/ ١٤١)، و «كفاية الأخيار» (٣٩١، ٣٩٢)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٢٣٣، ٢٣٤)، و «أسنى المطالب» (٣/ ٣٥)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٧٤)، و «المغني» (٦/ ١٥٠)، و «مجموع الفتاوى» (٣١/ ٣٢٠)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٢٤٧)، و «الإنصاف» (٧/ ٢٥٥، ٢٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>