وقالَ الوَزيرُ ابنُ هُبيرةَ ﵀: واختلَفوا في إِجازةِ الوَرثةِ، هل هي تَنفيذٌ لمَا كانَ أمَرَ به المُوصي أو هِبةٌ مُستأنَفةٌ؟
فقالَ مالِكٌ وأَبو حَنيفةَ وأَحمدُ: هي تَنفيذٌ لمَا كانَ أمَرَ به المُوصي وليسَ بابتِداءٍ.
وعن الشافِعيِّ قَولانِ، أَحدُهما كمَذهبِهم، والآخَرُ أنَّها هِبةٌ مُبتدَأةٌ يُعتبَرُ فيها ما يُعتبَرُ في الهِبةِ من الإِيجابِ والقَبولِ والقَبضِ (١).
وقالَ الإِمامُ العِمرانِيُّ: فإنْ أَجازَه الوَرثةُ فهل يَكونُ ذلك تَنفيذًا لمَا فعَلَه المُوصي أو ابتِداءَ عَطيةٍ من الوَرثةِ؟ على قَولَينِ.
وقالَ الشَّيخُ أَبو إِسحاقَ: هل تَصحُّ الوَصيةُ بما زادَ على الثُّلثِ؟ فيه قَولانِ:
أَحدُهما: لا تَصحُّ؛ لأنَّ النَّبيَّ ﷺ نَهى سَعدًا عن الوَصيةِ بما زادَ على الثُّلثِ، والنَّهيُ يَقتَضي فَسادَ المَنهيِّ عنه.
والثاني: تَصحُّ؛ لأنَّ الوَصيةَ صادَفَت مِلكَه، وإنَّما يَتعلَّقُ بها حَقُّ الوارِثِ فيما بَعدُ، وذلك لا يَمنعُ صِحةَ تَصرُّفِه، كما لو اشتَرى رَجلٌ شِقصًا فيه شُفعةٌ، فباعَ الشِّقصَ قبلَ أنْ يأخُذَه الشَّفيعُ.
فإنْ قُلنا: إنَّ إِجازةَ الوَرثةِ في الوَصيةِ للوارِثِ فيما زادَ على الثُّلثِ تَنفيذٌ لمَا فعَلَه المُوصي كَفاهم لَفظُ الإِجازةِ، ولا يَحتاجُ المُوصَى له إلى قَبولِ الإِجازةِ.