للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُوصي، فعلى هذا لا بُدَّ من قَبولِ المُوصَى له وحيازَتِه قبلَ حُصولِ مانِعٍ للمُجيزِ، وأنْ يَكونَ المُجيزُ من أهلِ التَّبرعِ.

وذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ في المَذهبِ والحَنابِلةُ في المَذهبِ وابنُ القَصارِ وابنُ العَطارِ والقاضي عبدُ الوَهابِ من المالِكيةِ إلى أنَّه ليسَ ابتِداءَ عَطيةٍ، وإنَّما هو تَنفيذٌ لمَا فعَلَه المُوصي؛ لأنَّ المَنعَ هو لحَقِّ الوَرثةِ، فإذا أَجازوه؛ فإنَّما تَرَكوا ما كانَ لهم من حَقِّ الفَسخِ، فصَحَّ بَتركِهم الفَسخَ فِعلُ المَيتِ وصاروا كأنَّهم أذِنوا له بأنْ يُوصيَ بأكثَرَ من ثُلثِه، وصارَ المَيتُ كأنَّه أَوصَى بما له أنْ يُوصيَ وهو الثُّلثُ الذي لا اعتِراضَ لهم فيه.

فعلى هذا القَولِ لا تَحتاجُ إلى قَبولٍ ولا حَوزٍ، بل يَصحُّ بقَولِه: «أجَزتُ وأنفَذتُ وأمضَيتُ» ونَحوَ ذلك (١).

قالَ الإِمامُ أَبو بَكرٍ الجَصاصُ : ومَتى أَجازَت الوَرثةُ الوَصيةَ لم يَكنْ ذلك هِبةً مُستأنَفةً من جِهتِهم فتُحملُ على أَحكامِ الهِباتِ في شَرطِ القَبضِ والتَّسليمِ ونَفيِ الشُّيوعِ فيما يُقسَمُ والرُّجوعِ فيها، بل تَكونُ مَحمولةً على أَحكامِ الوَصايا الجائِزةِ دونَ الهِباتِ من قِبَلِ مُجيزِيها من الوَرثةِ (٢).


(١) «الاستذكار» (٧/ ٢٦٧)، و «الإشراف» (٥/ ١٥٦)، رقم (١٩٠٦)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٤٤٠)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٤٩٢، ٤٩٣)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٥٣٣)، و «البيان» (٨/ ١٥٦، ١٥٧)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٣٧٣)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٧٨)، و «الإنصاف» (٧/ ١٩٤، ١٩٦)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٤٤٧).
(٢) «أحكام القرآن» (١/ ٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>